وأصح من ذلك قولهم: إن هجرته كانت قبل هجرة أبيه، واجتمعوا أنه لم يشهد بدرا، واختلف في شهوده أحدا، والصحيح أن أول مشاهده الخندق.
وقال كان الواقدي: يوم بدر ممن لم يحتلم، فاستصغره رسول الله صلى الله عليه وسلم ورده، وأجازه يوم أحد. ويروى عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رده يوم أحد، لأنه كان ابن أربع عشرة سنة، وأجازه يوم الخندق، وهو ابن خمس عشرة. نافع
وقد روي حديث على الوجهين جميعا، وشهد الحديبية، وقال بعض أهل السير: إنه أول من بايع يومئذ، ولا يصح، والصحيح أن من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية تحت الشجرة بيعة الرضوان نافع أبو سنان الأسدي. وروى عن سفيان بن عيينة، ابن أبي نجيح، عن قال: أدرك مجاهد، الفتح، وهو ابن عشرين سنة - يعني فتح ابن عمر مكة [ ص: 951 ] .
وكان رضي الله عنه من أهل الورع والعلم، وكان كثير الاتباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم. شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتواه، وكل ما يأخذ به نفسه، وكان لا يتخلف عن السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان بعد موته مولعا بالحج قبل الفتنة، وفي الفتنة، إلى أن مات، ويقولون: إنه كان من أعلم الصحابة بمناسك الحج.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجه إن أخاك حفصة بنت عمر: عبد الله رجل صالح لو كان يقوم من الليل، فما ترك بعدها قيام الليل. ابن عمر
وكان رضي الله عنه لورعه قد أشكلت عليه حروب رضي الله عنه، وقعد عنه، وندم على ذلك حين حضرته الوفاة، وسنذكر ذلك في آخر الباب إن شاء الله تعالى. علي
وذكر قال: حدثنا عمر بن شبة، عمر بن قسيط، حدثنا عن أبو المليح الرقي، عن ميمون بن مهران، أنه دخل عليه رجل فسأله عن تلك المشاهد، فقال: كففت يدي، فلم أقدم، والمقاتل على الحق أفضل. ابن عمر
وقال ما منا أحد إلا مالت به الدنيا، ومال بها، ما خلا جابر بن عبد الله: وابنه عبد الله. عمر
وقال ما رأيت أورع من ميمون بن مهران: ولا أعلم من ابن عمر، وروى ابن عباس. عن ابن وهب، قال: بلغ مالك، ستا وثمانين سنة، وأفتى في الإسلام ستين سنة، ونشر نافع عنه علما جما. عبد الله بن عمر
أنبأنا عبد الرحمن، قال: حدثنا أحمد، حدثنا الديلي، حدثنا عبد الحميد [ ص: 952 ] بن صبيح، حدثنا عن أبيه وغيره أن يوسف بن الماجشون، دخل في نفر على مروان بن الحكم بعد ما قتل عبد الله بن عمر فعرضوا عليه أن يبايعوا له، قال: وكيف لي بالناس؟ قال: تقاتلهم ونقاتلهم معك. فقال: والله لو اجتمع علي أهل الأرض إلا أهل عثمان، فدك ما قاتلتهم. قال: فخرجوا من عنده ومروان يقول:
والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
قال مات أبو عمر: عبد الله بن عمر بمكة سنة ثلاث وسبعين، لا يختلفون في ذلك، بعد قتل بثلاثة أشهر أو نحوها. وقيل: لستة أشهر. وكان أوصى أن يدفن في الحل، فلم يقدر على ذلك من أجل ابن الزبير الحجاج، ودفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين، وكان الحجاج قد أمر رجلا فسم زج رمح، وزحمه في الطريق ووضع الزج في ظهر قدمه، وذلك أن الحجاج خطب يوما وأخر الصلاة، فقال إن الشمس لا تنتظرك، فقال له ابن عمر: الحجاج: لقد هممت أن أضرب الذي فيه عيناك. قال: إن تفعل فإنك سفيه مسلط. وقيل: إنه أخفى قوله ذلك عن الحجاج، ولم يسمعه، وكان يتقدم في المواقف بعرفة وغيرها إلى المواضع التي كان النبي صلى الله عليه وسلم وقف بها، فكان ذلك يعز على الحجاج، فأمر الحجاج، رجلا معه حربة يقال: إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق به ذلك الرجل، فأمر الحربة على قدمه، وهي في غرز راحلته، فمرض منها أياما، فدخل عليه الحجاج يعوده، فقال له: من فعل بك يا أبا الرحمن؟ فقال:ما تصنع به؟ قال: قتلني الله إن لم أقتله. قال: ما أراك فاعلا، أنت الذي أمرت الذي بخسني بالحربة. فقال: لا تفعل يا أبا عبد الرحمن. وخرج عنه. وروي [ ص: 953 ] أنه قال للحجاج - إذ قال له: من فعل بك - قال: أنت الذي أمرت بإدخال السلاح في الحرم، فلبث أياما، ثم مات، وصلى عليه الحجاج.
حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم الحافظ، قال: حدثنا عبد الله عمر بن إسحاق بن معمر الجوهري، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين، قال: حدثنا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي، قال: حدثنا قال حدثنا أسباط بن محمد، ، عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت، قال: ما آسي على شيء إلا أني لم أقاتل مع عبد الله بن عمر، رضي الله عنه الفئة الباغية. علي
وحدثنا حدثنا خلف بن قاسم، ابن الورد، حدثنا يوسف بن يزيد، حدثنا حدثنا أسد بن موسى، عن أسباط بن محمد، عن عبد العزيز بن سياه، قال: حبيب بن أبي ثابت، ما أجدني آسي على شيء فاتني من الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع ابن عمر: علي. قال
وذكر أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا أبو القاسم الفضل بن دكين، وأبو أحمد الزبيري، قالا: حدثنا عن أبيه، عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، أنه قال - حين حضرته الوفاة: ما أجد في نفسي من أمر الدنيا شيئا، إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع ابن عمر علي بن أبي طالب.
وقال: حدثنا أبو أحمد، حدثنا عن عبد الجبار بن العباس، أبي العنبس، عن أبي بكر بن أبي الجهم، قال: سمعت يقول: ما آسي على شيء إلا تركي قتال الفئة الباغية مع ابن عمر [ ص: 954 ] . علي