1764 - عتبة بن غزوان بن جابر. ويقال عتبة بن غزوان بن الحارث بن جابر بن وهب بن نسيب بن زيد بن مالك بن الحارث بن عوف بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار المازني. حليف لبني نوفل بن عبد مناف بن قصي يكنى أبا عبد الله. وقيل: أبا غزوان.
كان إسلامه بعد ستة رجال، فهو سابع سبعة في إسلامه. وقد قال ذلك في خطبته بالبصرة: هاجر في أرض ولقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة، ما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى قرحت أشداقنا. الحبشة وهو ابن أربعين سنة، ثم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، وأقام معه حتى هاجر إلى المدينة مع ثم شهد بدرا والمشاهد كلها، وكان يوم قدم [ ص: 1027 ] المقداد بن عمرو، المدينة ابن أربعين سنة، وكان وهو الذي اختطها، وقال له أول من نزل البصرة من المسلمين، لما بعثه إليها: يا عمر - عتبة، إني أريد أن أوجهك لتقاتل بلد الحيرة، لعل الله سبحانه يفتحها عليه، فسر عليك بركة الله تعالى ويمنه، واتق الله ما استطعت، واعلم أنك ستأتي حومة العدو. وأرجو أن يعينك الله عليهم، ويكفيكهم، وقد كتبت إلى أن يمدك العلاء بن الحضرمي بعرفجة بن هرثمة ، وهو ذو مجاهدة للعدو، وذو مكايدة شديدة، فشاوره، وادع إلى الله عز وجل، فمن أجابك فاقبل منه، ومن أبى فالجزية عن يد مذلة وصغار، وإلا فالسيف في غير هوادة، واستنفر من مررت به من العرب، وحثهم على الجهاد، وكابد العدو، واتق الله ربك.
فافتتح عتبة بن غزوان الأبلة، ثم اختط مسجد البصرة، وأمر فاختط مسجد محجن بن الأدرع، البصرة الأعظم، وبناه بالقصب، ثم خرج عتبة حاجا، وخلف وأمره أن يسير إلى مجاشع بن مسعود، الفرات، وأمر أن يصلي بالناس، فلم ينصرف المغيرة بن شعبة عتبة من سفره ذلك في حجته حتى مات، فأقر عمر على المغيرة بن شعبة البصرة.
وكان قد استعفى عتبة بن غزوان عن ولايتها، فأبى أن يعفيه، فقال: عمر
اللهم لا تردني إليها، فسقط عن راحلته، فمات سنة سبع عشرة، وهو منصرف من مكة إلى البصرة، بموضع يقال له معدن بني سليم - قاله ابن سعد ويقال:
بل مات بالربذة سنة سبع عشرة - قاله وقيل: بل مات المدائني. سنة خمس عشرة وهو ابن سبع وخمسين سنة عتبة بن غزوان بالمدينة [ ص: 1028 ] .
وكان رجلا طوالا. وقيل: إنه مات في العام الذي اختط فيه البصرة، وذلك في سنة أربع عشرة، وسنه ما ذكرنا، وأما قول من قال: إنه مات بمرو - فليس بشيء، والله أعلم بالصحيح من هذه الأقوال.
والخطبة التي خطبها محفوظة عند العلماء، مروية مشهورة من طرق، منها ما حدثنا عتبة بن غزوان عبد الله بن محمد بن أسد، قال: حدثنا محمد بن مسرور العسال بالقيروان، قال: حدثنا أحمد بن معتب، قال: حدثنا قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سليمان بن المغيرة، هلال، عن خالد بن عمير العدوي، قال: فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن عتبة بن غزوان، . وإنما بقي منها صبابة كصبابة الإناء. وأنتم منتقلون عنها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا [منها ] بخير ما بحضرتكم، فإنه ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم، فيهوي سبعين عاما لا يدرك لها قعرا ، والله لتملأن، فعجبتم، ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما، وليأتين عليها يوم، وللباب كظيظ من الزحام. ولقد رأيتني وأنا سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى تقرحت أشداقنا، فالتقط بردة فاشتققتها بيني وبين سعد بن مالك، فاتزرت ببعضها وأتزر ببعضها، فما أصبح اليوم منا واحد إلا وهو أمير على مصر من الأمصار. الدنيا قد آذنت بصرم، وولت حذاء
وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الناس صغيرا، فإنها لم تكن [ ص: 1029 ] نبوة إلا تناسخت، حتى تكون عاقبتها ملكا، وستبلون الأمراء، أو قال: ستجربون الأمراء بعدي. خطبنا