الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1903 - عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي، من بني جشم بن الخزرج. شهد العقبة، ثم شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، ودفن هو وعبد الله بن عمرو بن حرام في قبر واحد، وكانا صهرين، وكان عمرو بن الجموح أعرج فقيل له يوم أحد: والله ما عليك من حرج، لأنك أعرج، فأخذ سلاحه وولى، وقال: والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة. فلما ولى أقبل على القبلة وقال: اللهم ارزقني الشهادة، ولا تردني إلى أهلي خائبا، فلما قتل يوم أحد جاءت زوجته هند بنت عمرو بن حرام فحملته، وحملت أخاها عبد الله بن عمرو [ ص: 1169 ] بن حرام على بعير، ودفنا جميعا في قبر واحد، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن منكم لمن لو أقسم على الله لأبره، منهم عمرو بن الجموح.  ولقد رأيته يطأ في الجنة بعرجته. وقيل: إن عمرو بن الجموح وابنه خلاد بن عمرو بن الجموح حملا جميعا على المشركين حين انكشف المسلمون، فقتلا جميعا. وذكره الغلابي، عن العباس بن بكار، عن أبي بكر الهذلي، عن الزهري والشعبي.

                                                              قال الغلابي: وأخبرناه أيضا ابن عائشة عن أبيه، قالوا: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من الأنصار، فقال: من سيدكم؟ فقالوا: الجد بن قيس على بخل فيه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل؟ بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح وقال شاعر الأنصار في ذلك:


                                                              وقال رسول الله - والحق قوله لمن قال منا: من تسمون سيدا     فقالوا له: جد بن قيس على التي
                                                              نبخله فيها وإن كان أسودا     فتى ما تخطى خطوة لدنية
                                                              ولا مد في يوم إلى سوءة يدا     فسود عمرو بن الجموح لجوده
                                                              وحق لعمرو بالندى أن يسودا     إذا جاءه السؤال أذهب ماله
                                                              وقال: خذوه إنه عائد غدا     فلو كنت يا جد بن قيس على التي
                                                              على مثلها عمرو لكنت مسودا

                                                              [ ص: 1170 ] هكذا ذكره الغلابي، وكذلك ذكره أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي القاضي بالبصرة، عن عبيد الله بن عمرو بن محمد بن حفص التيمي المعروف بابن عائشة، عن بشر بن المفضل، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، إلا أنه ذكر الشعر عن ابن عائشة لبعض الأنصار ولم يذكره في إسناده عن الشعبي.

                                                              وقد روى حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن عطاء، عن عبد الملك بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: الجد بن قيس على بخل فيه.

                                                              فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل؟ بل سيدكم الأبيض الجعد عمرو بن الجموح.


                                                              وذكره الكديمي، عن أبي بكر بن أبي الأسود، عن حميد بن الأسود، عن حجاج الصواف، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني عمرو بن سلمة، من سيدكم؟ فذكر مثله سواء.

                                                              وأما ابن إسحاق ومعمر فذكرا عن الزهري هذه القصة لبشر بن البراء بن معرور على ما ذكرناه في باب بشر بن البراء بن معرور.

                                                              وذكر أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا إبراهيم بن حاتم الهروي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن حجاج، عن أبي الزبير، عن [ ص: 1171 ] جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبني سلمة: من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: جد بن قيس، على أنا نبخله، قال: فأي داء أدوى من البخل! بل سيدكم عمرو بن الجموح. وكان على أصنامهم في الجاهلية، وكان يولم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تزوج.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية