الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2006 - عويمر بن عامر، ويقال عويمر بن قيس بن زيد. [وقيل: عويمر بن ثعلبة بن عامر بن زيد بن قيس بن] أمية بن [مالك بن عامر بن] عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، أبو الدرداء الأنصاري، هو مشهور بكنيته.

                                                              وقد قيل في نسبه عويمر بن زيد بن قيس بن عائشة بن أمية بن مالك بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.

                                                              وقيل: إن اسمه عامر، وصغر، فقيل: عويمر. وقال ابن إسحاق:

                                                              أبو الدرداء عويمر بن ثعلبة من بني الحارث بن الخزرج. وقال إبراهيم بن المنذر: أبو الدرداء اسمه عويمر بن ثعلبة بن زيد بن قيس بن عائشة بن أمية بن مالك بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج. ومن قال فيه عويمر بن قيس يزعم أن اسمه عامر، وأن عويمرا لقب. ومن قال فيه عامر بن مالك فليس بشيء. والصحيح ما ذكرنا إن شاء الله تعالى.

                                                              وأمه محبة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة بن عامر بن زيد مناة بن مالك بن ثعلبة بن كعب. وقيل: أمه واقدة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة. شهد أحدا وما بعدها من المشاهد. وقد قيل: إنه لم يشهد أحدا [ ص: 1228 ] لأنه تأخر إسلامه، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد. كان أبو الدرداء أحد الحكماء العلماء والفضلاء.

                                                              حدثني خلف بن قاسم، حدثنا ابن المفسر، حدثنا أحمد بن علي القاضي، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة، قال: لما حضرت معاذا الوفاة قيل له: يا أبا عبد الرحمن، أوصنا. قال: أجلسوني، إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما - يقولها ثلاث مرات - التمسوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبي الدرداء، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

                                                              إنه عاشر عشرة في الجنة.
                                                               
                                                              وقال القاسم بن محمد: كان أبو الدرداء من الذين أوتوا العلم. قال أبو مسهر: ولا أعلم أحدا نزل دمشق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أبي الدرداء، وبلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواثلة بن الأسقع، ومعاوية. قال: ولو نزلها أحد سواهم ما سقط علينا.

                                                              حدثنا محمد بن حكيم، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا إسحاق عن أبي حسان، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا يزيد بن أبي مريم أن عبيد الله بن مسلم حدثه عن أبي الدرداء، قال: قال رسول [ ص: 1229 ] الله صلى الله عليه وسلم: أنا فرطكم على الحوض فلا ألفين ما نوزعت في أحدكم فأقول: هذا مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدث بعدك، فقلت: يا رسول الله، ادع الله ألا يجعلني منهم. قال: لست منهم، فمات قبل قتل عثمان رضي الله عنه بسنتين.

                                                              وقالت طائفة من أهل الأخبار: إنه مات بعد صفين سنة ثمان أو تسع وثلاثين. والأكثر والأشهر والأصح عند أهل الحديث أنه توفي في خلافة عثمان رضي الله عنه بعد أن ولاه معاوية قضاء دمشق. [وقيل: إن عمر رضي الله عنه ولاه قضاء دمشق. وقيل: بل ولاه عثمان والأمير معاوية] وروى الوليد بن مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبد الله ، عن أبي عبد الله الأشعري، قال: مات أبو الدرداء قبل قتل عثمان.

                                                              وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: حكيم أمتي أبو الدرداء عويمر.

                                                              قال أبو عمر: له حكم مأثورة مشهورة، منها قوله: وجدت الناس اخبر تقله . ومنها: من يأت أبواب السلطان يقوم ويقعد. ووصف الدنيا فأحسن، فمن قوله فيها: الدنيا دار كدر ، ولن ينجو منها إلا أهل الحذر، ولله فيها علامات يسمعها الجاهلون، ويعتبر بها العالمون، ومن علاماته فيها أن حفها بالشبهات، فارتطم فيها أهل الشهوات، ثم أعقبها بالآفات، فانتفع بذلك أهل العظات، ومزج حلالها بالمؤونات وحرامها [ ص: 1230 ] بالتبعات، فالمثري فيها تعب، والمقل فيها نصب. في كلمات أكثر من هذا. حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا عبد الرحمن [بن عمر] ، حدثنا أبو زرعة، حدثنا مسعر ، حدثنا سعيد، عن سعيد بن عبد العزيز أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو ولى أبا الدرداء على القضاء بدمشق، وكان القاضي خليفة الأمير إذا غاب. ومات أبو الدرداء رضي الله عنه سنة اثنتين وثلاثين بدمشق. وقيل: سنة إحدى وثلاثين، ويأتي ذكره في الكنى بأكثر من هذا.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية