الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2036 - عفيف الكندي.

                                                              ويقال له عفيف بن قيس بن معديكرب الكندي.

                                                              ويقال عفيف بن معديكرب. ويقال: إن عفيفا الكندي الذي له الصحبة غير عفيف بن معديكرب الذي يروي عن عمر وقيل: إنهما واحد.

                                                              ولا يختلفون أن عفيفا الكندي له صحبة. روى عنه ابناه يحيى وإياس أحاديث، منها نزوله على العباس في أول الإسلام، حديث حسن جدا.

                                                              حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال:

                                                              حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يحيى بن أبي الأشعث، قال: حدثنا إسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي، عن أبيه، عن جده عفيف الكندي [ ص: 1242 ] قال: كنت امرأ تاجرا، فقدمت الحج، فأتيت العباس بن عبد المطلب، فوالله إني لعنده يوما إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى السماء، فلما رأى الشمس زالت قام يصلي، ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل فقامت خلفه تصلي، فقلت للعباس: من هذا يا أبا الفضل؟ قال:

                                                              هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. فقلت: من هذه المرأة؟ قال:

                                                              خديجة بنت خويلد زوجته. ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء، فقام يصلي معه، فقلت: ومن هذا الفتى؟ قال: علي بن أبي طالب ابن عمه. قلت:

                                                              فما هذا الذي يصنع؟ قال: يصلي ويزعم أنه نبي، ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتى، وهو يزعم أنه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر قال: وكان عفيف يقول - وقد أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه: لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ كنت ثانيا مع علي بن أبي طالب.
                                                               


                                                              وحدثني خلف بن قاسم قراءة مني عليه قال: حدثنا أبو أحمد بن عبد الله بن محمد بن ناصح بن المغيرة بن المفسر بمصر قال: حدثنا أحمد بن علي بن سعيد القاضي الدمشقي قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثني أبي عن ابن إسحاق، فذكره بإسناده سواء إلى آخره.

                                                              وقد روي هذا الحديث أيضا من وجه آخر عن عفيف الكندي رواه سعيد بن خثيم الهلالي، عن أسد بن عبد الله، عن يحيى بن عفيف، عن أبيه، عن جده عفيف الكندي. رواه عن سعيد بن خثيم جماعة منهم عبد الرحمن بن صالح الأزدي، وأبو غسان مالك بن إسماعيل [ ص: 1243 ] .

                                                              قرأت على [أبي] عبد الله بن محمد يوسف أن أبا يعقوب يوسف بن أحمد حدثهم بمكة.

                                                              وأخبرنا محمد بن يحيى بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم البلخي قالا: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن أسباط، قال: حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال: حدثنا سعيد بن خثيم الهلالي، عن أسد بن عبد الله البجلي، عن ابن يحيى بن عفيف [عن أبيه] عن جده عفيف، قال: جئت في الجاهلية إلى مكة فنزلت على العباس بن عبد المطلب، فبينا أنا عنده وأنا أنظر إلى الكعبة وقد حلقت الشمس وارتفعت إذ جاء شاب حتى دنا من الكعبة فرفع رأسه وانتصب قائما مستقبلها، إذ جاء غلام حتى قام عن يمينه، ثم لم ألبث إلا يسيرا حتى جاءت امرأة فقامت من خلفهما، ثم ركع الشاب وركع الغلام وركعت المرأة، ثم رفع الشاب رأسه ورفع الغلام ورفعت المرأة، ثم خر الشاب ساجدا وخر الغلام وخرت المرأة، فقال العباس: تدري من هذا؟ قلت: لا. قال: هذا محمد بن الله بن عبد المطلب ابن أخي، وهذا علي بن أبي طالب، وهذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي، إن ابن أخي هذا حدثنا أن ربه رب السموات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه، ولا والله ما أعلم على وجه الأرض أحدا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة. قال عفيف: فتمنيت أن أكون رابعهم.   [ ص: 1244 ] .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية