الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2055 - عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري.

                                                              يكنى أبا مالك.


                                                              أسلم بعد الفتح. وقيل: قبل الفتح، وشهد الفتح مسلما، وهو من المؤلفة قلوبهم، وكان من الأعراب الجفاة فذكر سنيد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: جاء عيينة بن حصن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة فقال: من هذه؟ - وذلك قبل أن ينزل الحجاب - قال: هذه عائشة قال: أفلا أنزل لك عن أم البنين فتنكحها! فغضبت [ ص: 1250 ] عائشة وقالت: من هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أحمق مطاع - يعني في قومه.  

                                                              وفي غير هذه الرواية في هذا الخبر أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأين الإذن؟ فقال: ما استأذنت على أحد من مضر. وكانت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم جالسة - فقال: من هذه الحميراء؟ فقال: أم المؤمنين قال:

                                                              أفلا أنزل لك عن أجمل منها! فقالت عائشة: من هذا يا رسول الله؟ قال: هذا أحمق مطاع، وهو على ما ترين سيد قومه.
                                                              قال أبو عمر: كان عيينة يعد في الجاهلية من الجرارين يقود عشرة آلاف، وتزوج عثمان بن عفان ابنته، فدخل عليه يوما فأغلظ له، فقال له عثمان: لو كان عمر ما أقدمت عليه بهذا. فقال: إن عمر أعطانا فأغنانا وأخشانا فأتقانا.

                                                              وروى أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال:

                                                              سمعت عيينة بن حصن يقول لعبد الله: أنا ابن الأشياخ الشم. فقال له عبد الله: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. فسكت. وكان له ابن أخ له دين وفضل. قال سفيان بن عيينة، عن الزهري: كان جلساء عمر بن الخطاب أهل القرآن شبابا وكهولا، فجاء عيينة الفزاري، وكان له ابن أخ من جلساء عمر يقال له الحر بن قيس، فقال لابن [ ص: 1251 ] أخيه: ألا تدخلني على هذا الرجل؟ فقال: إني أخاف أن تتكلم بكلام لا ينبغي. فقال: لا أفعل. فأدخله على عمر، فقال: يا ابن الخطاب، والله ما تقسم بالعدل، ولا تعطي الجزل. فغضب عمر غضبا شديدا حتى هم أن يوقع به. فقال له ابن أخيه: يا أمير المؤمنين، إن الله عز وجل يقول في [محكم] كتابه : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين .

                                                              وإن هذا من الجاهلين. قال: فخلى عنه عمر، وكان وقافا عند كتاب الله عز وجل. [ ص: 1252 ] .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية