الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              باب مسور

                                                              2405 - المسور بن مخرمة بن نوفل القرشي الزهري.

                                                              أبو عبد الرحمن،
                                                              قد ذكرنا نسب أبيه مخرمة بن نوفل إلى زهرة فغنينا بذلك. أمه الشفاء بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف، ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، وقدم به أبوه المدينة في عقب ذي الحجة سنة ثمان، وهو أصغر من ابن الزبير بأربعة أشهر، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم والمسور ابن ثمان سنين، وسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه. وحدث عن عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن عوف. وكان فقيها من أهل الفضل والدين، لم يزل مع خاله عبد الرحمن بن عوف مقبلا ومدبرا في أمر الشورى، وبقي بالمدينة إلى أن قتل عثمان، ثم انحدر إلى مكة، فلم يزل بها حتى توفي معاوية - ذكره ربيعة بن يزيد، فلم يزل بمكة حتى قدم الحصين بن نمير مكة لقتال ابن الزبير، وذلك في عقب المحرم، أو صدر صفر، وحاصر مكة، وفي حصاره ومحاربته أهل مكة أصاب المسور حجر من حجارة المنجنيق، وهو يصلي في الحجر، فقتله، وذلك مستهل ربيع الأول سنة أربع وستين، وصلى عليه ابن الزبير بالحجون، وهو معدود في المكيين. توفي وهو ابن اثنتين وستين سنة. وقيل:

                                                              وفاته كانت يوم جاء نعي يزيد إلى ابن الزبير، وحصين بن نمير محاصر لابن الزبير، وجاء نعي يزيد إلى مكة يوم ثلاثاء عشرة ربيع الآخر سنة أربع وستين.

                                                              روى عنه عروة بن الزبير، وعلي بن الحسين، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وكان المسور لفضله ودينه وحسن رأيه تغشاه الخوارج، وتعظمه وتبجل رأيه، وقد برأه الله منهم. وروى ابن القاسم، عن مالك، قال: بلغني أن المسور [ ص: 1400 ] ابن مخرمة دخل على مروان فجلس معه، وحادثه، فقال المسور لمروان في شيء سمعه: بئس ما قلت! فركضه مروان برجله، فخرج المسور. ثم إن مروان نام فأتي في المنام فقيل له: ما لك وللمسور! كل يعمل على شاكلته، فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا، قال: فأرسل مروان إلى المسور، فقال: إني زجرت عنك في المنام، وأخبره بالذي رأى. فقال المسور: لقد نهيت عنه في اليقظة والنوم، وما أراك تنتهي.  

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية