الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2553 - مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري.

                                                              يكنى أبا عبد الله.
                                                              كان من جلة الصحابة وفضلائهم، وهاجر إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها، ثم شهد بدرا، ولم يشهد بدرا من بني عبد الدار إلا رجلان: مصعب بن عمير، وسويبط بن حرملة، ويقال ابن حريملة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث مصعب بن عمير إلى المدينة قبل الهجرة بعد العقبة الثانية يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين،  وكان يدعى القارئ والمقرئ. ويقال: إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة  قبل الهجرة.

                                                              قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا المدينة من المهاجرين [ ص: 1474 ] مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار بن قصي، ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم، ثم أتانا بعده عمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وبلال، ثم أتانا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم علينا مع أبي بكر . وقتل مصعب بن عمير يوم أحد شهيدا،  قتله ابن قميئة الليثي فيما قال ابن إسحاق، وهو يومئذ ابن أربعين سنة أو أزيد شيئا. ويقال: إن فيه نزلت وفي أصحابه يومئذ :

                                                              من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه الآية أسلم بعد دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم.

                                                              ذكر الواقدي، عن إبراهيم بن محمد العبدي، عن أبيه، قال: كان مصعب ابن عمير فتى مكة شبابا وجمالا وتيها،  وكان أبواه يحبانه، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب، وكان أعطر أهل مكة، يلبس الحضرمي من النعال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكره ويقول: ما رأيت بمكة أحسن لمة، ولا أرق حلة، ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير. فبلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم فدخل، فأسلم، وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه، فكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرا، فبصر به عثمان بن طلحة يصلي، فأخبر به قومه وأمه، فأخذوه فحبسوه، فلم يزل محبوسا إلى أن خرج إلى أرض الحبشة .

                                                              أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد [قال: حدثنا محمد ] بن بكير التمار، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان. عن الأعمش، عن أبي وائل، عن خباب، قال: قتل مصعب بن عمير يوم أحد، ولم يكن [ ص: 1475 ] له إلا نمرة، كنا إذا غطينا [بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا] رجليه خرج رأسه، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر. ولم يختلف أهل السير أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ويوم أحد كانت بيد مصعب بن عمير،  فلما قتل يوم أحد أخذها علي بن أبي طالب . كناه الهيثم بن عدي أبا عبد الله.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية