إن ذكوان كان عبدا لأمية فاستلحقه، والأول أكثر] وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس أم عثمان بن عفان، فالوليد بن عقبة أخو لأمه. يكنى عثمان أبا وهب. أسلم يوم الفتح هو وأخوه خالد بن عقبة، وأظنه يومئذ كان قد ناهز الاحتلام. الوليد: مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم، فيمسح على رءوسهم، ويدعو لهم بالبركة، قال: فأتي بي إليه وأنا مضمخ بالخلوق، فلم يمسح على رأسي، ولم [ ص: 1553 ] يمنعه من ذلك إلا أن أمي خلقتني، فلم يمسحني من أجل الخلوق. لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث رواه قال عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، أبي موسى الهمداني، ويقال الهمذاني، كذلك ذكره على الشك عن البخاري الوليد بن عقبة. وقالوا:
هذا مجهول، والحديث منكر مضطرب لا يصح، ولا يمكن أن يكون من بعث مصدقا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صبيا يوم الفتح. وأبو موسى
ويدل أيضا على فساد ما رواه أبو موسى المجهول أن وغيره من أهل العلم بالسير والخبر ذكروا أن الزبير الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا ليردا أختهما أم كلثوم عن الهجرة، فكانت هجرتها في الهدنة؟ بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة. وقد ذكرنا الخبر بذلك في باب أم كلثوم، ومن كان غلاما مخلقا يوم الفتح ليس يجيء منه مثل هذا، وذلك واضح والحمد لله رب العالمين .
ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أن قوله عز وجل :
إن جاءكم فاسق بنبإ نزلت في الوليد بن عقبة، وذلك أنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق مصدقا، فأخبر عنهم أنهم ارتدوا وأبوا من أداء الصدقة، وذلك أنهم خرجوا إليه فهابهم، ولم يعرف ما عندهم، فانصرف عنهم وأخبر بما ذكرنا، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتثبت فيهم، فأخبروه أنهم متمسكون بالإسلام، ونزلت : خالد بن الوليد
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ الآية. وروي عن مجاهد وقتادة مثل ما ذكرنا، حدثنا حدثنا خلف بن قاسم، ابن المفسر بمصر، حدثنا حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا يحيى بن معين، عن إسحاق الأزرق، سفيان، عن [ ص: 1554 ] هلال الوزان، عن في قوله عز وجل: ابن أبي ليلى إن جاءكم فاسق بنبإ الآية، قال: نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط. ومن حديث الحكم عن عن سعيد بن جبير، ، قال: نزلت في ابن عباس علي بن أبي طالب والوليد ابن عقبة في قصة ذكرها: فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون. ثم ولاه عثمان الكوفة وعزل عنها فلما قدم سعد بن أبي وقاص، الوليد على سعد قال له سعد: والله ما أدري أكست بعدنا أم حمقنا بعدك؟ فقال: لا تجزعن فإنما هو الملك يتغداه قوم ويتعشاه آخرون. فقال أبا إسحاق سعد: أراكم والله ستجعلونها ملكا.
وروى عن جعفر بن سليمان، عن هشام بن حسان، قال: ابن سيرين،
لما قدم الوليد بن عقبة أميرا على الكوفة أتاه فقال له: ما جاء بك؟ قال: جئت أميرا. فقال ابن مسعود ما أدري أصلحت بعدنا أم فسد الناس. ابن مسعود:
وله أخبار فيها نكارة وشناعة تقطع على سوء حاله وقبح أفعاله، غفر الله لنا وله، فلقد كان من رجال قريش ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا، وكان من الشعراء المطبوعين، وكان الأصمعي وأبو عبيدة وغيرهم يقولون: كان وابن الكلبي الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر، وكان شاعرا كريما [تجاوز الله عنا وعنه ] .
قال أخباره في شرب الخمر ومنادمته أبو عمر: أبا زبيد الطائي مشهورة كثيرة، يسمج بنا ذكرها هنا، ونذكر منها طرفا: ذكر ، قال: عمر بن شبة
حدثنا قال: حدثنا هارون بن معروف، عن ضمرة بن ربيعة، قال: صلى ابن شوذب، الوليد [ابن عقبة] بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم. فقال ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم [ ص: 1555 ] . عبد الله بن مسعود:
قال: وحدثنا قال: حدثنا محمد بن حميد، جرير، عن الأجلح، عن في حديث الشعبي الوليد بن عقبة حين شهدوا عليه، فقال الحطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه أن الوليد أحق بالغدر نادى وقد تمت صلاتهم
أأزيدكم سكرا وما يدري فأبوا أبا وهب ولو أذنوا
لقرنت بين الشفع والوتر كفوا عنانك إذ جريت ولو
تركوا عنانك لم تزل تجري
تكلم في الصلاة وزاد فيها علانية وجاهر بالنفاق
ومج الخمر في سنن المصلى ونادى والجميع إلى افتراق
أزيدكم على أن تحمدوني فما لكم وما لي من خلاق
فررت من الوليد إلى سعيد كأهل الحجر إذ جزعوا فباروا
يلينا من قريش كل عام أمير محدث أو مستشار
لنا نار نخوفها فنخشى وليس لهم ولا يخشون نار
والصحيح عندهم في ذلك ما رواه عبد العزيز بن المختار، عن وسعيد بن أبي عروبة، عن عبد الله الداناج، حصين بن المنذر أبي ساسان، أنه ركب إلى ، فأخبره بقصة عثمان الوليد، وقدم على رجلان فشهدا عليه بشرب الخمر، وأنه صلى الغداة عثمان بالكوفة أربعا، ثم قال: أزيدكم، فقال أحدهما: رأيته يشربها، وقال الآخر: رأيته يتقيأها. فقال : إنه لم يتقيأها حتى شربها. عثمان
وقال لعلي: أقم عليه الحد، فقال لابن أخيه علي عبد الله بن جعفر: أقم عليه الحد. فأخذ السوط وجلده، يعد، حتى بلغ أربعين فقال علي: أمسك، جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين، وجلد وعثمان أربعين، وجلد أبو بكر ثمانين، وكل سنة. وروى عمر عن ابن عيينة، عمرو بن دينار، عن قال: أبي جعفر محمد بن علي،
جلد علي الوليد بن عقبة في الخمر أربعين جلدة بسوط له طرفان. قال أضاف الجلد إلى أبو عمر: لأنه أمر به على الوجه الذي تقدم في الخمر. علي
[قال :] لم يرو أبو عمر الوليد بن عقبة سنة يحتاج فيها إليه.
وروى عن ابن إسحاق، عن حارثة بن مضرب، الوليد بن عقبة، قال:
ما كانت نبوة إلا كان بعدها ملك. وسكن الوليد بن عقبة المدينة، ثم نزل الكوفة وبنى بها دارا، فلما قتل نزل عثمان البصرة، ثم خرج إلى الرقة، فنزلها واعتزل عليا ومعاوية ، ومات بها، وبالرقة قبره، وعقبه في ضيعة له، [ ص: 1557 ] وكان لا يرضاه، وهو الذي حرضه على قتال معاوية فرب حريص محروم، وهو القائل علي، يحرضه ويغريه بعلي: لمعاوية
فو الله ما هند بأمك إن مضى النهار ولم يثأر بعثمان ثائر
أيقتل عبد القوم سيد أهله ولم يقتلوه ليت أمك عاقر
وإنا متى نقتلهم لا يقد بهم مقيد وقد دارت عليه الدوائر
ألا يا لليلي لا تغور نجومه إذا غار نجم لاح نجم يراقبه
بني هاشم ردوا سلاح ابن أختكم ولا تنهبوه لا تحل مناهبه
بني هاشم لا تعجلونا فإنه سواء علينا قاتلوه وسالبه
فإنا وإياكم وما كان بيننا كصدع الصفا لا يرأب الصدع شاعبه
بني هاشم كيف التعاقد بيننا وعند علي سيفه وحرائبه
لعمرك لا أنسى ابن أروى وقتله وهل ينسين الماء ما عاش شاربه
هم قتلوه كي يكونوا مكانه كما فعلت يوما بكسرى مرازبه
فلا تسألونا بالسلاح فإنه أضيع وألقاه لدى الروع صاحبه
وإني لمجتاب إليكم بجحفل يصم السميع جرسه وجلائبه
وشبهته كسرى وما كان مثله شبيها بكسرى هديه وضرائبه