الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2724 - الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، أخو خالد بن الوليد، أسر يوم بدر كافرا، أسره عبد الله بن جحش، ويقال: أسره سليط بن قيس المازني الأنصاري، فقدم في فدائه أخواه: خالد وهشام، فتمنع عبد الله بن جحش حتى افتكاه بأربعة آلاف درهم، فجعل خالد يزيد لا يبلغ ذلك، فقال هشام لخالد: إنه ليس بابن أمك، والله لو أبى فيه إلا كذا وكذا لفعلت. ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن جحش: لا تقبل في فدائه إلا شكة أبيه الوليد، وكانت الشكة درعا فضفاضة وسيفا وبيضة، فأبى خالد ذلك وأطاع لذلك هشام بن الوليد، لأنه أخوه لأبيه وأمه، فأقيمت الشكة بمائة دينار فطاعا بذلك ، وسلماها إلى عبد الله بن جحش، فلما افتكاه أسلم، فقيل له: هلا أسلمت قبل أن تفتدي وأنت مع المسلمين؟ فقال: كرهت أن تظنوا بي أني جزعت من الإسار، فحبسوه بمكة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو له فيمن دعا له من مستضعفي المؤمنين بمكة، ثم أفلت من إسارهم، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد عمرة القضية، وكتب إلى أخيه خالد، فوقع الإسلام في قلب خالد، وكان سبب هجرته. ذكر ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، [ ص: 1559 ] عن أبيه، عن جده - أن الوليد بن الوليد كان يروع في منامه . . . مثل حديث مالك سواء في قصة خالد بن الوليد أنه كان يروع في منامه . . . الحديث إلى قوله تعالى: وأن يحضرون. وقالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تبكي الوليد ابن الوليد بن المغيرة:


                                                              يا عين فابكي للوليد بن الوليد بن المغيره     قد كان غيثا في السنين
                                                              ورحمة فينا وميره     ضخم الدسيعة ماجدا
                                                              يسمو إلى طلب الوتيره     مثل الوليد بن الوليد
                                                              أبي الوليد كفى العشيره

                                                              وقد قيل إن الوليد أفلت من قريش بمكة، فخرج على رجليه فطلبوه فلم يدركوه شدا، ونكبت إصبع من أصابعه فجعل يقول:


                                                              هل أنت إلا إصبع دميت     وفي سبيل الله ما لقيت

                                                              فمات ببئر أبي عنبة على ميل من المدينة رضي الله عنه. وقال مصعب:

                                                              والصحيح أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضية، وكتب إلى أخيه خالد، وكان خالد خرج من مكة فارا لئلا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة كراهة الإسلام وأهله، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد فقال: لو أتانا لأكرمناه، ومثله سقط عليه الإسلام في عقله، فكتب بذلك الوليد إلى أخيه خالد، فوقع الإسلام في قلب خالد، وكان سبب هجرته [ ص: 1560 ] .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية