الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2877 - أبو بكرة الثقفي، اسمه نفيع بن مسروح. وقيل: نفيع بن الحارث ابن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزى بن عبدة بن عوف بن قسي، وهو ثقيف. وأم أبي بكرة سمية جارية الحارث بن كلدة، وقد ذكرنا خبرها في باب زياد لأنها أمهما، وكان أبو بكرة يقول: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأبى أن ينتسب، وكان قد نزل يوم الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف، فأسلم في غلمان من غلمان أهل الطائف، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقول: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عد في مواليه.

                                                              قال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: أملى علي هوذة بن خليفة البكراوي، نسبه إلى أبي بكرة، فلما بلغ إلى أبي بكرة قلت ابن من؟ قال:

                                                              دع لا تزده. وكان أبو بكرة يقول: أنا من إخوانكم في الدين، وأنا مولى [ ص: 1615 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أبى الناس إلا أن ينتسبوني، فأنا نفيع ابن مسروح. وكان من فضلاء الصحابة، وهو الذي شهد على المغيرة بن شعبة ، فبت الشهادة، وجلده عمر حد القذف إذ لم تتم الشهادة، ثم قال له عمر: تب تقبل شهادتك. فقال له: إنما تستتيبني لتقبل شهادتي. قال: أجل. قال: لا جرم، إني لا أشهد بين اثنين أبدا ما بقيت في الدنيا.

                                                              روى ابن عيينة ومحمد بن مسلم الطائفي، عن إبراهيم بن ميسرة، عن سعيد ابن المسيب، قال: شهد على المغيرة ثلاثة، ونكل زياد، فجلد عمر الثلاثة، ثم استتابهم، فتاب اثنان، فجازت شهادتهما، وأبى أبو بكرة أن يتوب. وكان مثل النصل من العبادة، حتى مات. قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه بأبي بكرة، لأنه تعلق ببكرة من حصن الطائف، فنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أولاده أشرافا بالبصرة بالولايات والعلم، وله عقب كثير.

                                                              وتوفي أبو بكرة بالبصرة سنة إحدى، وقيل: سنة اثنين وخمسين، وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي، فصلى عليه. قال الحسن البصري: لم ينزل البصرة من الصحابة ممن سكنها أفضل من عمران بن حصين وأبي بكرة.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية