الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3175 - أبو مسلم الخولاني ، العابد .

                                                              أدرك الجاهلية وأسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقدم المدينة حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر ، فهو معدود في كبار التابعين ، عداده في الشاميين . اسمه عبد الله بن ثوب . وقيل : عبد الله بن عوف ، والأول [أكثر ] وأشهر ، كان فاضلا ناسكا عابدا ، وله كرامات وفضائل .

                                                              روى عنه أبو إدريس الخولاني وجماعة من تابعي أهل الشام [ ص: 1758 ] .

                                                              ومن نوادر أخباره وكراماته ما حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد زهير ، قال حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، قال : أخبرنا شرحبيل بن مسلم الخولاني - أن الأسود بن قيس بن ذي الخمار تنبأ باليمن ، فبعث إلى أبي مسلم ، فلما جاءه قال [له : ] أتشهد أني رسول الله؟ قال : ما أسمع . قال : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال :

                                                              نعم . [قال : أتشهد أني رسول الله؟ قال : ما أسمع . قال : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال : نعم ] . فردد ذلك عليه ، كل ذلك يقول له مثل ذلك .

                                                              قال : فأمر بنار عظيمة فأججت ، ثم ألقي فيها أبو مسلم ، فلم تضره شيئا [قال : ] فقيل له : انفه عنك ، وإلا أفسد عليك من اتبعك . قال : فأمره بالرحيل ، فأتى أبو مسلم المدينة ، وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر ، فأناخ أبو مسلم راحلته بباب المسجد [ودخل المسجد ] ، وقام يصلي إلى سارية ، فبصر به عمر بن الخطاب ، فقام إليه ، فقال : ممن الرجل؟ قال : من أهل اليمن ، قال : ما فعل الرجل الذي أحرقه الكذاب بالنار؟ قال : ذلك عبد الله بن ثوب .

                                                              قال : أنشدك بالله أنت هو؟ قال : اللهم نعم . قال : فاعتنقه عمر وبكى ، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين أبي بكر ، وقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله عليه السلام .  

                                                              قال إسماعيل بن عياش : فأنا أدركت رجلا من الأمداد الذين يمدون [من اليمن من ] خولان يقولون للأمداد من عنس : صاحبكم الكذاب حرق صاحبنا بالنار فلم تضره [ ص: 1759 ] .

                                                              قال أبو عمر : أما صدر هذا الخبر فمعروف مثله لحبيب [بن زيد ] بن عاصم الأنصاري ، أخي عبد الله بن زيد مع مسيلمة ، فقتله مسيلمة وقطعه عضوا عضوا .

                                                              ويروى مثل آخر لرجل مذكور في الصحابة من خولان ، وكان اسمه ذؤيبا ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله . وإسماعيل بن عياش ليس بحجة في غير الشاميين ، وهو فيما حدث به عن الشاميين أهل بلده لا بأس به .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية