الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3208 - أبو هريرة الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                              ودوس هو ابن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث . قال خليفة بن خياط :

                                                              أبو هريرة هو عمير بن عامر بن عبد ذي الشرى بن طريف بن عتاب بن أبي صعب بن منبه بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم [بن غنم ] ابن دوس .

                                                              قال أبو عمر : اختلفوا في اسم أبي هريرة ، واسم أبيه اختلافا كثيرا .

                                                              لا يحاط به ولا يضبط في الجاهلية والإسلام ، فقال خليفة : ويقال اسم أبي هريرة عبد الله بن عامر . ويقال برير بن عشرقة . ويقال سكين بن دومة . وقال أحمد بن زهير : سمعت أبي يقول : اسم أبي هريرة عبد الله ابن عبد شمس . ويقال : عامر . وقال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : اسم أبي هريرة [عبد الله بن ] عبد شمس . ويقال : عبد نهم بن عامر . ويقال :

                                                              عبد غنم . ويقال سكين . وذكر محمد بن يحيى الذهلي ، عن أحمد بن حنبل مثله سواء . وقال عباس . سمعت يحيى بن معين يقول : اسم أبي هريرة [ ص: 1769 ] عبد شمس . وقال أبو نعيم : اسم أبي هريرة عبد شمس . وروى سفيان بن حصين عن الزهري ، عن المحرر بن أبي هريرة ، قال : اسم أبي هريرة عبد عمرو بن عبد غنم . وقال أبو حفص الفلاس : أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد عمرو بن عبد غنم . وقال ابن الجارود : اسم أبي هريرة كردوس وروى الفضل بن موسى السيناني ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة عبد شمس ، من الأزد ، من دوس . وذكر أبو حاتم الرازي ، عن الأوسي ، عن ابن لهيعة ، قال : اسم أبي هريرة كردوس بن عامر .

                                                              وذكر البخاري عن ابن [أبي ] الأسود قال : اسم أبي هريرة عبد شمس .

                                                              ويقال عبد نهم ، أو عبد عمرو .

                                                              قال أبو عمر : محال أن يكون اسمه في الإسلام عبد شمس ، أو عبد عمرو ، أو عبد غنم ، أو عبد نهم ، وهذا إن كان شيء منه فإنما كان في الجاهلية . وأما في الإسلام فاسمه عبد الله أو عبد الرحمن ، والله أعلم ، على أنه اختلف في ذلك [أيضا ] اختلافا كثيرا .

                                                              قال الهيثم بن عدي : كان اسم أبي هريرة في الجاهلية عبد شمس ، وفي الإسلام عبد الله ، وهو من الأزد من دوس .

                                                              وروى يونس بن بكير عن ابن إسحاق ، قال : حدثني بعض أصحابنا عن أبي هريرة ، قال : كان اسمي في الجاهلية عبد شمس فسميت في الإسلام عبد الرحمن ، وإنما كنيت بأبي هريرة ، لأني وجدت هرة فجعلتها في كمي ، فقيل لي : ما هذه؟ قلت : هرة . قيل : فأنت أبو هريرة   [ ص: 1770 ] .

                                                              وقد روينا عنه أنه قال : كنت أحمل هرة يوما في كمي ، فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : ما هذه؟ فقلت : هرة . فقال :

                                                              يا أبا هريرة .
                                                               
                                                              وهذا أشبه عندي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كناه بذلك ، والله أعلم .

                                                              وروى إبراهيم بن سعد ، عن ابن إسحاق ، قال : اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر . وعلى هذه اعتمدت طائفة ألفت في الأسماء والكنى .

                                                              وذكر البخاري عن إسماعيل بن [أبي ] أويس ، قال : كان اسم أبي هريرة في الجاهلية عبد شمس وفي الإسلام عبد الله .

                                                              قال أبو عمر : ويقال أيضا في اسم أبي هريرة عمرو بن عبد العزى [وعمرو ابن عبد غنم ، وعبد الله بن عبد العزى ] ، وعبد الرحمن بن عمرو . ويزيد ابن عبيد الله ، ومثل هذا الاختلاف والاضطراب لا يصح معه شيء يعتمد عليه إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي سكن إليه القلب [في اسمه ] في الإسلام ، والله أعلم . وكنيته أولى به على ما كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                              وأما في الجاهلية فرواية الفضل بن موسى ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عنه في عبد شمس صحيحة ، ويشهد له ما ذكر ابن إسحاق ، ورواية سفيان بن حصين عن الزهري ، عن المحرر بن أبي هريرة فصالحة ، وقد يمكن أن يكون له في الجاهلية اسمان : عبد شمس وعبد عمرو .

                                                              وأما في الإسلام فعبد الله أو عبد الرحمن . وقال أبو أحمد الحاكم : أصح شيء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر ، ذكر ذلك في كتابه [ ص: 1771 ] في الكنى ، وقد غلبت عليه كنيته ، فهو كمن لا اسم له غيرها . وأولى المواضع بذكره الكنى ، وبالله التوفيق .

                                                              أسلم أبو هريرة عام خيبر ، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لزمه وواظب عليه رغبة في العلم راضيا بشبع بطنه ، فكانت يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يدور معه حيث دار ، وكان [من ] أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار ، لاشتغال المهاجرين بالتجارة والأنصار بحوائجهم ، وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه حريص على العلم والحديث ، وقال له :

                                                              يا رسول الله ، إني قد سمعت منك حديثا كثيرا وأنا أخشى أن أنسى فقال :

                                                              ابسط رداءك . [قال ] فبسطته ، فغرف بيده فيه ، ثم قال : ضمه فضممته ، فما نسيت شيئا بعده .
                                                               


                                                              وقال البخاري : روى عنه أكثر من ثمانمائة [رجل ] من بين صاحب وتابع . وممن روى عنه من الصحابة ابن عباس ، وابن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وأنس [بن مالك ] ، وواثلة بن الأسقع ، [وعائشة ] رضي الله عنهم .

                                                              استعمله عمر بن الخطاب على البحرين ثم عزله ، ثم أراده على العمل فأبى عليه ، ولم يزل يسكن المدينة وبها كانت وفاته .

                                                              [حدثنا أبو شاكر ، أخبرنا أبو محمد الأصيلي ، أخبرنا أبو علي الصواف ببغداد ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، قال حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، قال : كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب رسول الله ولم يكن من أفضلهم ] [ ص: 1772 ] .

                                                              قال خليفة بن خياط : توفي أبو هريرة سنة سبع وخمسين .

                                                              وقال الهيثم بن عدي : توفي أبو هريرة سنة ثمان وخمسين : وقال الواقدي :

                                                              توفي سنة تسع وخمسين ، وهو ابن ثمان وسبعين ، وكذلك قال ابن نمير : إنه توفي سنة تسع وخمسين وقال غيره : مات بالعقيق وصلى عليه الوليد بن عقبة بن أبي سفيان ، وكان أميرا يومئذ على المدينة ومروان بن الحكم معزول .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية