الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              باب جبير

                                                              311 - جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي، يكنى أبا محمد، وقيل أبا عدي، أمه أم جميل بنت سعيد، من بني عامر بن لؤي. قال مصعب الزبيري: كان جبير بن مطعم من حلماء قريش وساداتهم، وكان يؤخذ عنه النسب.

                                                              وقال ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة: كان جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة، وكان يقول: إنما أخذت النسب عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وكان أبو بكر من أنسب العرب.

                                                              أسلم جبير بن مطعم فيما يقولون يوم الفتح. وقيل عام خيبر ، وكان [إذ] أتى النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسارى بدر كافرا. روى جماعة من أصحاب ابن شهاب [عن ابن شهاب] عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر ، فوافقته وهو يصلي بأصحابه المغرب أو العشاء، فسمعته وهو يقرأ، وقد خرج صوته من المسجد : إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع قال: فكأنما صدع قلبي.

                                                              وبعض أصحاب الزهري يقول عنه في هذا الخبر: فسمعته يقرأ: [ ص: 233 ] أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون فكاد قلبي يطير، فلما فرغ من صلاته كلمته في أسارى بدر فقال: لو كان الشيخ أبوك حيا فأتانا فيهم شفعناه.  

                                                              وقال بعضهم فيه: لو أن أباك كان حيا، أو لو أن المطعم بن عدي كان حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له.  

                                                              قال: وكانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يد، وكان من أشراف قريش.

                                                              وإنما كان هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المطعم بن عدي، لأنه الذي كان أجار رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم من الطائف من دعاء ثقيف، وكان أحد الذين قاموا في شأن الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم.

                                                              وكانت وفاة المطعم بن عدي في صفر سنة ثنتين من الهجرة قبل بدر بنحو سبعة أشهر، ومات جبير بن مطعم بالمدينة سنة سبع وخمسين، وقيل سنة تسع وخمسين في خلافة معاوية، وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم، وفيمن حسن إسلامه منهم. ويقال: إن أول من لبس طيلسانا بالمدينة جبير بن مطعم.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية