الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3387 - سمية أم عمار بن ياسر .

                                                              كانت أمة لأبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم فزوجها من حليفه ياسر بن عامر بن مالك العنسي ، والد عمار بن ياسر . فولدت له عمارا فأعتقه أبو حذيفة ، وأبوه من عنس . وقد ذكرنا عمارا في بابه وكانت سمية ممن عذبت في الله وصبرت على الأذى في ذات الله ، وكانت من المبايعات الخيرات الفاضلات رحمها الله . قالابن قتيبة : خلف عليها بعد ياسر الأزرق - وكان غلاما روميا للحارث بن كلدة ، فولدت له سلمة ابن الأزرق ، فهو أخو عمار لأمه . وهذا غلط من ابن قتيبة فاحش ، وإنما خلف [ ص: 1864 ] الأزرق على سمية أم زياد زوجة [مولاه ] الحارث بن كلدة منها ، لأنه كان مولى لهما ، فسلمة بن الأزرق أخو زياد لأمه ، لا أخو عمار ، وليس بين سمية أم عمار ، وسمية أم زياد نسب ولا سبب ، وسمية أم عمار أول شهيدة في الإسلام ،  وجأها أبو جهل بحربة في قبلها فقتلها ، وماتت قبل الهجرة رضي الله عنها .

                                                              حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا عبد الله بن عمر ، حدثنا أحمد بن محمد ، [حدثنا معن بن يحيى ] ، حدثنا يحيى بن بكير وحميد بن علي البجلي ، قالا :

                                                              حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن أبي رزين ، عن عبد الله بن مسعود ، عنه ، قال : إن أبا جهل طعن بحربة في فخذ سمية أم عمار حتى بلغت فرجها فماتت ، فقال عمار : يا رسول الله ، بلغ منا - أو بلغ منها - العذاب كل مبلغ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . صبرا أبا اليقظان . اللهم لا تعذب أحدا من آل ياسر بالنار . وروى سفيان ، وشعبة ، وجرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : أول شهيد استشهد في الإسلام سمية  أم عمار . قال : وأول من أظهر الإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وبلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمار ، وسمية أم عمار ،  فغلط ابن قتيبة غلطا فاحشا ، وبالله التوفيق .

                                                              حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن يونس ، حدثنا بقي بن مخلد ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : أول من أظهر الإسلام سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وبلال ، وخباب ، وصهيب ، وعمار ، وسمية أم عمار [ ص: 1865 ] .

                                                              فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه عمه ، وأما أبو بكر فمنعه قومه ، وأخذ الآخرون فألبسوا أدراع الحديد ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ ، فأعطوهم ما سألوا ، فجاء إلى كل واحد قومه بأنطاع الأدم فيها الماء ، فألقوهم فيها ، ثم حملوا بجوانبه إلا بلال ، فلما كان العشي جاء أبو جهل ، فجعل يشتم سمية ويرفث ، ثم طعنها في قبلها فقتلها ، فهي أول شهيد استشهد في الإسلام ، وذكر تمام الخبر في بلال . ومن روى هذا الحديث ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : إن أبا جهل طعن سمية في قبلها فقتلها . ومنهم من قال : طعنها في فخذها ، فسرى الرمح إلى فرجها فماتت شهيدة .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية