الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              529 - الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي، عم عثمان بن عفان، وأبو مروان بن الحكم، كان من مسلمة الفتح، وأخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف، وخرج معه ابنه مروان.

                                                              وقيل: إن مروان ولد بالطائف، فلم يزل الحكم بالطائف إلى أن ولي عثمان، فرده عثمان إلى المدينة، وبقي فيها وتوفي في آخر خلافة عثمان قبل القيام على عثمان بأشهر فيما أحسب، واختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه، فقيل: كان يتحيل ويستخفي ويتسمع ما يسره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كبار الصحابة في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين، فكان يفشي ذلك [عنه حتى ظهر ذلك] عليه، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته إلى أمور غيرها كرهت ذكرها، ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى ينكفأ، وكان الحكم بن أبي العاص يحكيه، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم يوما فرآه يفعل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: فكذلك فلتكن، فكان الحكم [ ص: 360 ] مختلجا يرتعش من يومئذ، فعيره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه:


                                                              إن اللعين أبوك فارم عظامه إن ترم ترم مخلجا مجنونا     يمسي خميص البطن من عمل التقى
                                                              ويظل من عمل الخبيث بطينا



                                                              فأما قول عبد الرحمن بن حسان: إن اللعين أبوك فروي عن عائشة من طرق ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره أنها قالت لمروان، إذ قال في أخيها عبد الرحمن ما قال: أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه.  

                                                              وحدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عثمان بن حكيم، قال: حدثنا شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل عليكم رجل لعين. قال عبد الله: وكنت قد تركت عمرا يلبس ثيابه ليقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أزل مشفقا أن يكون أول من يدخل، فدخل الحكم بن أبي العاص.  

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية