الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              852 - زيد بن صوحان بن حجر [بن الحارث ] بن الهجرس، العبدي، أخو صعصعة وسيحان، كان مسلما على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا سليمان. ويقال: أبا سلمان. ويقال: أبا عائشة، لا أعلم له عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية، وإنما يروي عن عمر، وعلي، روى عنه أبو وائل. قتل يوم الجمل. ذكره محمد بن السائب الكلبي عن أشياخه في تسمية من شهد الجمل، [ ص: 556 ] فقال: وزيد بن صوحان العبدي، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، هكذا قال. ولا أعلم له صحبة، ولكنه ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، بسنه مسلما، وكان فاضلا دينا، سيدا في قومه هو وإخوته.

                                                              روى حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال. قال: ارتث زيد بن صوحان يوم الجمل، فقال له أصحابه: هنيئا لك يا أبا سليمان الجنة. فقال. وما يدريكم؟ غزونا القوم في ديارهم وقتلنا إمامهم، فيا ليتنا إذ ظلمنا صبرنا، ولقد مضى عثمان على الطريق.

                                                              وروى العوام بن حوشب، عن أبي معشر، عن الحي الذي كان فيهم زيد ابن صوحان قال: لما أوصى قالوا له: أبشر يا أبا عائشة. روي عنه من وجوه أنه قال: شدوا علي ثيابي، ولا تنزعوا عني ثوبا، ولا تغسلوا دما، فإني رجل مخاصم. أو قال: فإنا قوم مخاصمون.

                                                              وكانت بيده راية عبد القيس يوم الجمل. وروى قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة، عن سماك، عن أبي قدامة، قال: كنت في جيش عليهم سلمان، فكان زيد بن صوحان يؤمهم بأمره بدون سلمان.

                                                              وروي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مسيرة له، فبينما هو يسير إذ هوم فجعل يقول: زيد وما زيد! جندب وما جندب! فسئل عن ذلك فقال: رجلان من أمتي، أما أحدهما فتسبقه يده، أو قال: بعض جسده إلى الجنة، ثم يتبعه سائر جسده. وأما الآخر فيضرب ضربة يفرق بها بين الحق والباطل.  قال أبو عمر: أصيبت يد زيد يوم جلولاء، ثم قتل يوم الجمل مع علي ابن أبي طالب [ ص: 557 ] .

                                                              وجندب قاتل الساحر قد ذكرناه في بابه من هذا الكتاب.


                                                              وروى إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، قال: أنبئت أن عائشة أم المؤمنين سمعت كلام خالد يوم الجمل، فقالت: خالد بن الواشمة؟ قال: نعم. قالت: أنشدك الله أصادقي أنت إن سألتك؟ قلت: نعم، وما يمنعني أن أفعل؟ قالت: ما فعل طلحة؟ قلت: قتل، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون . ثم قالت: ما فعل الزبير؟ قلت: قتل. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون . قلت: بل نحن لله ونحن إليه راجعون ، على زيد وأصحاب زيد. قالت: زيد ابن صوحان؟ قلت: نعم. فقالت: له خيرا. فقلت: والله لا يجمع الله بينهما في الجنة أبدا. قالت: لا تقل، فإن رحمة الله واسعة، وهو على كل شيء قدير.  

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية