الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              892 - السائب بن أبي السائب، واسم أبي السائب صيفي بن عائذ بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم.

                                                              واختلف في إسلامه، فذكر ابن إسحاق أنه قتل يوم بدر كافرا.

                                                              قال ابن هشام: وذكر غير ابن إسحاق أنه الذي قتله الزبير بن العوام، وكذلك قال الزبير بن بكار: إن السائب بن أبي السائب قتل يوم بدر كافرا، وأظنه عول فيه على قول ابن إسحاق، وقد نقض الزبير ذلك في موضعين من كتابه بعد ذلك: فقال: حدثني يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان، عن جعفر، عن عكرمة، عن يحيى بن كعب، عن أبيه كعب مولى سعيد بن العاص، قال:

                                                              مر معاوية وهو يطوف بالبيت، ومعه جنده، فزحموا السائب بن صيفي ابن عائذ فسقط، فوقف عليه معاوية وهو يومئذ خليفة، فقال: أوقعوا الشيخ.

                                                              فلما قام قال: ما هذا يا معاوية؟ تصرعوننا حول البيت! أما والله لقد أردت أن [ ص: 573 ] أتزوج أمك. فقال معاوية: ليتك فعلت، فجاءت بمثل أبي السائب - يعني عبد الله بن السائب. وهذا أوضح في إدراكه الإسلام، وفي طول عمره.

                                                              وقال في موضع آخر: حدثني أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي قال: حدثني أبو السائب - يعني الماجن، وهو عبد الله بن السائب قال: قال: كان جدي أبو السائب بن عائذ شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الشريك كان أبو السائب، [كان ] لا يشاري ولا يماري. وهذا كله من الزبير مناقضة فيما ذكر إن السائب بن أبي السائب قتل يوم بدر كافرا.

                                                              قال ابن هشام: السائب بن أبي السائب الذي جاء فيه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الشريك السائب كان لا يشاري ولا يماري -  كان قد أسلم فحسن إسلامه فيما بلغنا. قال ابن هشام: وذكر ابن شهاب، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس أن السائب بن أبي السائب بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ممن هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاه يوم الجعرانة من غنائم حنين.

                                                              قال أبو عمر: هذا أولى ما عول عليه في هذا الباب. وقد ذكرنا أن الحديث فيمن كان شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء مضطرب جدا.

                                                              منهم من يجعل الشركة [مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ] للسائب بن أبي السائب. ومنهم من يجعلها لأبي السائب [أبيه] كما ذكرنا عن الزبير [ ص: 574 ] هاهنا. ومنهم من يجعلها [ لقيس بن السائب، ومن يجعلها ] لعبد الله بن السائب، وهذا اضطراب لا يثبت به شيء ولا تقوم به حجة. والسائب بن أبي السائب من جملة المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم.

                                                              [ذكر الزبير هذا الخبر في الموقفيات فقال: أخبرني أبو ضمرة أنس بن عياض عن ابن السائب المخزومي قال: كان جدي في الجاهلية يكنى أبا السائب، وبه اكتنيت، وهو أبو السائب بن صيفي بن أبي السائب، كان خليطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر في الإسلام قال: نعم الخليط كان أبو السائب لا يشاري ولا يماري].  

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية