قال ولست أشتهي على (أن أخالف الكتاب، وقرأ بعضهم (إن هذان لساحران) [ ص: 184 ] خفيفة، وفي قراءة الفراء: (وأسروا النجوى أن هذان ساحران) ، وفي قراءة عبد الله: (إن ذان إلا ساحران) فقراءتنا بتشديد (إن) وبالألف على جهتين: أبي
إحداهما على لغة بني الحارث بن كعب: يجعلون الاثنين في رفعهما ونصبهما وخفضهما بالألف.
وأنشدني رجل من الأسد عنهم. يريد بني الحارث:
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى مساغا لناباه الشجاع لصمما
قال: وما رأيت أفصح من هذا الأسدي وحكى هذا الرجل عنهم: هذا خط يدا أخي بعينه.
وذلك -وإن كان قليلا- أقيس لأن العرب قالوا: مسلمون فجعلوا الواو تابعة للضمة (لأن الواو لا تعرب) ثم قالوا: رأيت المسلمين فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم. فلما رأوا أن الياء من الاثنين لا يمكنهم كسر ما قبلها، وثبت مفتوحا: تركوا الألف تتبعه، فقالوا: رجلان في كل حال.
وقد اجتمعت العرب على إثبات الألف في كلا الرجلين في الرفع والنصب والخفض وهما اثنان، إلا بني كنانة فإنهم يقولون: رأيت كلي الرجلين ومررت بكلي الرجلين. وهي قبيحة قليلة، مضوا على القياس.
والوجه الآخر أن تقول: وجدت الألف (من هذا دعامة وليست بلام فعل، فلما ثنيت زدت عليها نونا ثم تركت الألف) ثابتة على حالها لا تزول على كل حال، كما قالت العرب (الذي) ثم زادوا نونا تدل على الجماع، فقالوا: الذين في رفعهم ونصبهم وخفضهم كما تركوا (هذان) في رفعه ونصبه وخفضه. وكنانة يقولون (اللذون) [ ص: 185 ] .