وقوله: صم بكم عمي فهم لا يرجعون رفعن وأسماؤهن في أول الكلام منصوبة؛ لأن الكلام تم وانقضت به آية، ثم استؤنفت صم بكم عمي في آية أخرى، فكان أقوى للاستئناف، ولو تم الكلام ولم تكن آية لجاز أيضا الاستئناف قال الله تبارك وتعالى: جزاء من ربك عطاء حسابا رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن الرحمن يرفع ويخفض في الإعراب، وليس الذي قبله بآخر آية. فأما ما جاء في رءوس الآيات مستأنفا فكثير، من ذلك قول الله: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم إلى قوله: وذلك هو الفوز العظيم . ثم قال جل وجهه: التائبون العابدون الحامدون بالرفع في قراءتنا، وفي حرف "التائبين العابدين الحامدين" . وقال: ابن مسعود أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم . يقرأ بالرفع والنصب على ما فسرت لك. وفي قراءة "صما بكما عميا" بالنصب. عبد الله:
ونصبه على جهتين: إن شئت على معنى: تركهم صما بكما عميا، وإن شئت اكتفيت بأن توقع الترك عليهم في الظلمات، ثم تستأنف "صما" بالذم لهم.
والعرب تنصب بالذم وبالمدح؛ لأن فيه مع الأسماء مثل معنى قولهم: ويلا له، وثوابا له، وبعدا وسقيا ورعيا. [ ص: 17 ] .