الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإن تولوا  واجه القوم ومعناه: فإن تتولوا فهي في موضع جزم. ولو كانت لقوم غير مخاطبين كانت نصبا لأنها بمنزلة قولك: فإن قاموا. والجزاء يصلح فيه لفظ فعل ويفعل، كما قال فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله فإن تولوا فقل حسبي الله هؤلاء غير مخاطبين. وأنت تعرف مجزومه من منصوبه بالقراءة بعده ألا ترى قوله فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم ولم يقل: وعليهم. وقال وإن تولوا فإنما هم في شقاق فهذا يدل على فعلوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم العدة قول يصلح فيها أن وجواب اليمين. فتقول: وعدتك أن آتيك، ووعدتك لآتينك. ومثله ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه وإن أن تصلح في مثله من الكلام. وقد فسر في غير هذا الموضع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله وليبدلنهم قرأها عاصم بن أبي النجود والأعمش وليبدلنهم بالتشديد. وقرأ [ ص: 259 ] الناس (وليبدلنهم) خفيفة وهما متقاربان. وإذا قلت للرجل قد بدلت فمعناه غيرت وغيرت حالك ولم يأت مكانك آخر. فكل ما غير عن حاله فهو مبدل بالتشديد. وقد يجوز مبدل بالتخفيف وليس بالوجه: وإذا جعلت الشيء مكان الشيء قلت: قد أبدلته كقولك (أبدل لي) هذا الدرهم أي أعطني مكانه. وبدل جائزة فمن قال (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) فكأنه جعل سبيل الخوف أمنا. ومن قال (وليبدلنهم) بالتخفيف قال: الأمن خلاف الخوف فكأنه جعل مكان الخوف أمنا أي ذهب بالخوف وجاء بالأمن. وهذا من سعة العربية وقال أبو النجم:

                                                                                                                                                                                                                                      عزل الأمير للأمير المبدل

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا يوضح الوجهين جميعا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية