إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحا مني وما يسمعوا من صالح دفنوا
فرد الجواب بفعل وقبله يفعل قال : إن يسمعوا سبة على مثال غية) . الفراء
وقوله: فظلت أعناقهم لها خاضعين والفعل للأعناق فيقول القائل: كيف لم يقل:
[ ص: 277 ] خاضعة: وفي ذلك وجوه كلها صواب. أولها أن جعل الأعناق: الرجال الكبراء. فكانت الأعناق هاهنا بمنزلة قولك: ظلت رءوسهم رءوس القوم وكبراؤهم لها خاضعين للآية. والوجه الآخر أن تجعل الأعناق الطوائف، كما تقول: رأيت الناس إلى فلان عنقا واحدة فتجعل الأعناق الطوائف والعصب وأحب إلي من هذين الوجهين في العربية أن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون فجعلت الفعل أولا للأعناق ثم جعلت (خاضعين) للرجال كما قال الشاعر: مجاهدا
على قبضة موجوءة ظهر كفه فلا المرء مستحي ولا هو طاعم
فأنث فعل الظهر لأن الكف تجمع الظهر وتكفي منه: كما أنك تكتفي بأن تقول: خضعت لك رقبتي ألا ترى أن العرب تقول: كل ذي عين ناظر وناظرة إليك لأن قولك: نظرت إليك عيني ونظرت إليك بمعنى واحد فترك (كل) وله الفعل ورد إلى العين. فلو قلت: فظلت أعناقهم لها خاضعة كان صوابا. وقد قال هذا بمنزلة قول الشاعر: الكسائي:
ترى أرباقهم متقلديها إذا صدئ الحديد على الكماة
ولا يشبه هذا ذلك لأن الفعل في المتقلدين قد عاد بذكر الأرباق فصلح ذلك لعودة الذكر. ومثل هذا قولك: ما زالت يدك باسطها لأن الفعل منك على اليد واقع فلا بد من عودة ذكر الذي في أول الكلام. ولو كانت فظلت أعناقهم لها خاضعيها كان هذا البيت حجة له. فإذا أوقعت الفعل على الاسم ثم أضفته فلا تكتف بفعل المضاف إلا أن يوافق فعل الأول كقولك ما زالت يد منفقا ومنفقة فهذا من الموافق لأنك تقول يده منفقة وهو منفق ولا يجوز كانت يده باسطا لأنه باسط لليد واليد مبسوطة، فالفعل مختلف، لا يكفي فعل ذا من ذا، فإن أعدت ذكر اليد صلح فقلت: ما زالت يده باسطها [ ص: 278 ] . عبد الله