الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم  

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا وجه قد قرأت به العامة. وقرأ أصحاب عبد الله "ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه، فإن قتلوكم فاقتلوهم" والمعنى هاهنا: فإن بدؤوكم بالقتل فاقتلوهم. والعرب تقول: قد قتل بنو فلان إذا قتل منهم الواحد. فعلى هذا قراءة أصحاب عبد الله ، وكل حسن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإن انتهوا فلم يبدؤوكم فلا عدوان على الذين انتهوا، إنما العدوان على من ظلم: على من بدأكم ولم ينته.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن قال قائل: أرأيت قوله فلا عدوان إلا على الظالمين أعدوان هو وقد أباحه الله لهم؟ قلنا: ليس بعدوان في المعنى، إنما هو لفظ على مثل ما سبق قبله، [ ص: 117 ] ألا ترى أنه قال: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فالعدوان من المشركين في اللفظ ظلم في المعنى، والعدوان الذي أباحه الله وأمر به المسلمين إنما هو قصاص. فلا يكون القصاص ظلما، وإن كان لفظه واحدا. ومثله قول الله تبارك وتعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها وليست من الله على مثل معناها من المسيء؛ لأنها جزاء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية