الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقال الذين كفروا هل ندلكم  العرب تدغم اللام عند النون إذا سكنت اللام وتحركت النون. وذلك أنها قريبة المخرج منها. وهي كثيرة في القراءة. ولا يقولون ذلك في لام قد تتحرك في حال مثل ادخل وقل لأن (قل) قد كان يرفع وينصب ويدخل عليه الجزم، وهل وبل وأجل مجزومات أبدا، فشبهن إذا أدغمن بقوله (النار) إذا أدغمت اللام من النار في النون منها. وكذلك قوله فهل ترى لهم من باقية تدغم اللام عند التاء من بل وهل وأجل. ولا تدغم في اللام التي قد تتحرك في حال. وإظهارهما جائز لأن اللام ليست بموصولة بما بعدها كاتصال اللام من النار وأشباه ذلك. وإنما صرت أختار (هل تستطيع) و (بل نظنكم) فأظهر لأن القراءة من المولدين مصنوعة لم يأخذوها بطباع الأعراب، إنما أخذوها بالصنعة. فالأعرابي ذلك جائز له لما يجري على لسانه من خفيف الكلام وثقيله. ولو اقتست في القراءة على ما يخف على ألسن العرب فيخففون أو يدغمون لخففت قوله قل أي شيء أكبر شهادة فقلت: أيش أكبر شهادة، وهو كلام العرب. فليس القراءة على ذلك، إنما القراءة على الإشباع والتمكين ولأن الحرف ليس بمتصل مثل الألف واللام: ألا ترى أنك لا تقف على الألف [ ص: 354 ] واللام مما هي فيه. فلذلك لم أظهر اللام عند التاء وأشباهها. وكذلك قوله: اتخذتم و عذت بربي وربكم تظهر وتدغم. والإدغام أحب إلي لأنها متصلة بحرف لا يوقف على ما دونه. فأما قوله بل ران على قلوبهم فإن اللام تدخل في الراء دخولا شديدا، ويثقل على اللسان إظهارها فأدغمت. وكذلك فافعل بجميع الإدغام: فما ثقل على اللسان إظهاره فأدغم، وما سهل لك فيه الإظهار فأظهر ولا تدغم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لفي خلق جديد أفترى على الله كذبا هذه الألف استفهام. فهي مقطوعة في القطع والوصل لأنها ألف الاستفهام، ذهبت الألف التي بعدها لأنها خفيفة زائدة تذهب في اتصال الكلام. وكذلك قوله: سواء عليهم أستغفرت لهم وقوله (أستكبرت) قرأ الآية محمد بن الجهم، وقوله أصطفى البنات على البنين ولا يجوز أن تكسر الألف هاهنا لأن الاستفهام يذهب. فإن قلت: هلا إذا اجتمعت ألفان طولت كما قال (آلذكرين (آلآن) قلت: إنما طولت الألف في الآن وشبهه لأن ألفها كانت مفتوحة، فلو أذهبتها لم تجد بين الاستفهام والخبر فرقا، فجعل تطويل الألف فرقا بين الاستفهام والخبر، وقوله أفترى كانت ألفها مكسورة وألف الاستفهام مفتوحة فافترقا، ولم يحتاجا إلى تطويل الألف [ ص: 355 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية