الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: هل أنتم مطلعون  هذا رجل من أهل الجنة، قد كان له أخ من أهل الكفر، فأحب أن يرى مكانه فيأذن الله له، فيطلع في النار، ويخاطبه.

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا رآه قال تالله إن كدت لتردين وفي قراءة عبد الله (إن كدت لتغوين) ، ولولا رحمة ربي لكنت من المحضرين أي معك في النار محضرا.

                                                                                                                                                                                                                                      يقول الله لمثل هذا فليعمل العاملون وهذا من قول الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قرأ بعض القراء (قال هل أنتم مطلعون فاطلع) فكسر النون. وهو شاذ لأن العرب لا تختار على الإضافة إذا أسندوا فاعلا مجموعا أو موحدا إلى اسم مكنى عنه. فمن ذلك أن [ ص: 386 ] يقولوا: أنت ضاربي. ويقولون للاثنين: أنتما ضارباي، وللجميع: أنتم ضاربي، ولا يقولوا للاثنين:

                                                                                                                                                                                                                                      أنتما ضاربانني ولا للجميع: ضاربونني. وإنما تكون هذه النون في فعل ويفعل، مثل (ضربوني ويضربني وضربني) . وربما غلط الشاعر فيذهب إلى المعنى، فيقول: أنت ضاربني، يتوهم أنه أراد: هل تضربني، فيكون ذلك على غير صحة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      هل الله من سرو العلاة مريحني ولما تقسمني النبار الكوانس



                                                                                                                                                                                                                                      النبر: دابة تشبه القراد. وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      وما أدري وظني كل ظن     أمسلمني إلى قوم شراح



                                                                                                                                                                                                                                      يريد: شراحيل ولم يقل: أمسلمي. وهو وجه الكلام. وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      هم القائلون الخير والفاعلونه     إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما



                                                                                                                                                                                                                                      ولم يقل: الفاعلوه. وهو وجه الكلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وإنما اختاروا الإضافة في الاسم المكنى لأنه يختلط بما قبله. فيصير الحرفان كالحرف الواحد.

                                                                                                                                                                                                                                      فلذلك استحبوا الإضافة في المكني، وقالوا: هما ضاربان زيدا، وضاربا زيد لأن زيدا في ظهوره لا يختلط بما قبله لأنه ليس بحرف واحد والمكنى حرف [ ص: 387 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما قوله فاطلع فإنه يكون على جهة فعل ذلك به، كما تقول: دعا فأجيب يا هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      ويكون: هل أنتم مطلعون فأطلع أنا فيكون منصوبا بجواب الفاء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية