الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها  يقول القائل: كيف قال:

                                                                                                                                                                                                                                      (خلقكم) لبني آدم. ثم قال: ثم جعل منها زوجها والزوج مخلوق قبل الولد؟ ففي ذلك وجهان من العربية:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 415 ] أحدهما: أن العرب إذا أخبرت عن رجل بفعلين ردوا الآخر بثم إذا كان هو الآخر في المعنى. وربما جعلوا (ثم) فيما معناه التقديم ويجعلون (ثم) من خبر المتكلم. من ذلك أن تقول: قد بلغني ما صنعت يومك هذا، ثم ما صنعت أمس أعجب. فهذا نسق من خبر المتكلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقول: قد أعطيتك اليوم شيئا، ثم الذي أعطيتك أمس أكثر، فهذا من ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      والوجه الآخر: أن تجعل خلقه الزوج مردودا على (واحدة) كأنه قال: خلقكم من نفس وحدها، ثم جعل منها زوجها. ففي (واحدة) معنى خلقها واحدة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال: أنشدني بعض العرب:


                                                                                                                                                                                                                                      أعددته للخصم ذي التعدي كوحته منك بدون الجهد



                                                                                                                                                                                                                                      ومعناه الذي إذا تعدى كوحته، وكوحته: غلبته وقوله: وإن تشكروا يرضه لكم يقول: يرضى الشكر لكم. وهذا مثل قوله:

                                                                                                                                                                                                                                      فاخشوهم فزادهم إيمانا أي فزادهم قول الناس، فإن قال قائل: كيف قال ولا يرضى لعباده الكفر وقد كفروا؟ قلت: إنه لا يرضى أن يكفروا. فمعنى الكفر: أن يكفروا. وليس معناه الكفر بعينه. ومثله مما يبينه لك أنك تقول: لست أحب الإساءة، وإني لأحب أن يسيء فلان فيعذب فهذا مما يبين لك معناه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية