(خلقكم) لبني آدم. ثم قال: ثم جعل منها زوجها والزوج مخلوق قبل الولد؟ ففي ذلك وجهان من العربية:
[ ص: 415 ] أحدهما: أن العرب إذا أخبرت عن رجل بفعلين ردوا الآخر بثم إذا كان هو الآخر في المعنى. وربما جعلوا (ثم) فيما معناه التقديم ويجعلون (ثم) من خبر المتكلم. من ذلك أن تقول: قد بلغني ما صنعت يومك هذا، ثم ما صنعت أمس أعجب. فهذا نسق من خبر المتكلم.
وتقول: قد أعطيتك اليوم شيئا، ثم الذي أعطيتك أمس أكثر، فهذا من ذلك.
والوجه الآخر: أن تجعل خلقه الزوج مردودا على (واحدة) كأنه قال: خلقكم من نفس وحدها، ثم جعل منها زوجها. ففي (واحدة) معنى خلقها واحدة.
قال: أنشدني بعض العرب:
أعددته للخصم ذي التعدي كوحته منك بدون الجهد
ومعناه الذي إذا تعدى كوحته، وكوحته: غلبته وقوله: وإن تشكروا يرضه لكم يقول: يرضى الشكر لكم. وهذا مثل قوله:
فاخشوهم فزادهم إيمانا أي فزادهم قول الناس، فإن قال قائل: كيف قال ولا يرضى لعباده الكفر وقد كفروا؟ قلت: إنه لا يرضى أن يكفروا. فمعنى الكفر: أن يكفروا. وليس معناه الكفر بعينه. ومثله مما يبينه لك أنك تقول: لست أحب الإساءة، وإني لأحب أن يسيء فلان فيعذب فهذا مما يبين لك معناه.