وكذلك قوله: هل تحس منهم من أحد .
[ ص: 217 ]
فإذا قلت: حسست، بغير ألف فهي في معنى الإفناء والقتل. من ذلك قول الله عز وجل: إذ تحسونهم بإذنه والحس أيضا: العطف والرقة كقول الكميت :
هل من بكى الدار راج أن تحس له أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل
وسمعت بعض العرب يقول: ما رأيت عقيليا إلا حسست له، وحسست لغة.
والعرب تقول: من أين حسيت هذا الخبر؟ يريدون: من أين تخبرته؟ [وربما قالوا حسيت بالخبر وأحسيت به، يبدلون من السين ياء] كقول أبي زبيد:
حسين به فهن إليه شوس
وقد تقول العرب ما أحست بهم أحدا، فيحذفون السين الأولى، وكذلك في وددت، ومسست وهممت، قال: أنشدني بعضهم:
هل ينفعنك اليوم إن همت بهم كثرة ما تأتى وتعقاد الرتم
[ ص: 218 ] وقوله: (من أنصاري إلى الله) المفسرون يقولون: من أنصاري مع الله، وهو وجه حسن. وإنما يجوز أن تجعل (إلى) موضع (مع) إذا ضممت الشيء إلى الشيء مما لم يكن معه كقول العرب: إن الذود إلى الذود إبل أي: إذا ضممت الذود إلى الذود صارت إبلا. فإذا كان الشيء مع الشيء لم تصلح مكان مع إلى، ألا ترى أنك تقول: قدم فلان ومعه مال كثير، ولا تقول في هذا الموضع: قدم فلان وإليه مال كثير. وكذلك تقول: قدم فلان إلى أهله، ولا تقول: مع أهله، ومنه قوله: ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم معناه: ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم.
والحواريون كانوا خاصة عيسى. وكذلك خاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع عليهم الحواريون. وكان الزبير يقال له: حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم. وربما جاء في الحديث لأبي بكر وأشباههما حواري. وجاء في التفسير أنهم سموا حواريين لبياض ثيابهم. وعمر