الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله جل وعز : وإذا النفوس زوجت  

                                                                                                                                                                                                                                      [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال ] حدثنا الفراء قال : حدثني أبو الأحوص سلام ابن سليم عن سعيد بن مسروق أبي سفيان عن عكرمة في قوله : وإذا النفوس زوجت قال :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 240 ] يقرن الرجل بقرينه الصالح في الدنيا في الجنة ، ويقرن الرجل الذي كان يعمل العمل السيئ بصاحبه الذي كان يعينه على ذلك في النار ، فذلك تزويج الأنفس . قال الفراء : وسمعت بعض العرب يقول : زوجت إبلي ، ونهى الله أن يقرن بين اثنين ، وذلك أن يقرن البعير بالبعير فيعتلفان معا ، ويرحلان معا .

                                                                                                                                                                                                                                      [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال ] حدثنا الفراء قال : حدثني حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن أبيه عن ابن عباس ، وحدثني علي بن غراب عن ابن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس أنه قرأ : " وإذا الموءودة سألت " بأي ذنب قتلت وقال : هي التي تسأل ولا تسأل وقد يجوز أن يقرأ : بأي ذنب قتلت ، والمعنى : بأي ذنب قتلت . كما تقول في الكلام :

                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله بأي ذنب ضرب ، وبأي ذنب ضربت . وقد مر له نظائر من الحكاية ، من ذلك قول عنترة :


                                                                                                                                                                                                                                      الشاتمي عرضي ولم أشتمها والناذرين إذا لقيتهما دمي



                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى : أنهما كانا يقولان : إذا لقينا عنترة لنقتلنه . فجرى الكلام في شعره على هذا المعنى .

                                                                                                                                                                                                                                      واللفظ مختلف ، وكذلك قوله


                                                                                                                                                                                                                                      رجلان من ضبة أخبرانا     إنا رأينا رجلا عريانا



                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى : أخبرانا أنهما ، ولكنه جرى على مذهب القول ، كما يقول : قال عبد الله : إنه إنه لذاهب وإني ذاهب ، والذهاب له في الوجهين جميعا [ ص: 241 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : وإذا الموءودة سئلت ففيه وجهان : سئلت : فقيل لها : بأي ذنب قتلت ثم يجوز قتلت . كما جاز في المسألة الأولى ، ويكون سئلت : سئل عنها الذين وأدوها . كأنك قلت :

                                                                                                                                                                                                                                      طلبت منهم ، فقيل : أين أولادكم ؟ وبأي ذنب قتلتموهم ؟ وكل الوجوه حسن بين إلا أن الأكثر (سئلت) فهو أحبها إلي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية