ذكر أمة ولم يذكر بعدها أخرى، والكلام مبني على أخرى يراد؛ لأن سواء لا بد لها من اثنين فما زاد.
ورفع الأمة على وجهين: أحدهما أنك تكره على سواء كأنك قلت: لا تستوي أمة صالحة وأخرى كافرة منها أمة كذا وأمة كذا، وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان في الكلام دليل عليه، قال الشاعر:
عصيت إليها القلب إني لأمرها سميع فما أدري أرشد طلابها
[ ص: 231 ] ولم يقل: أم غي، ولا: أم لا؛ لأن الكلام معروف المعنى. وقال الآخر:
أراك فلا أدري أهم هممته وذو الهم قدما خاشع متضائل
وقال الآخر:
وما أدري إذا يممت وجها أريد الخير أيهما يليني
أألخير الذي أنا أبتغيه أم الشر الذي لا يأتليني
ومنه قول الله تبارك وتعالى: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما ولم يذكر الذي هو ضده؛ لأن قوله: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون دليل على ما أضمر من ذلك.
وقوله: يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون السجود في هذا الموضع اسم للصلاة لا للسجود؛ لأن التلاوة لا تكون في السجود ولا في الركوع.