ومن سورة قريش
قوله عز وجل : لإيلاف قريش
يقول القائل : كيف ابتدئ الكلام بلام خافضة ليس بعدها شيء يرتفع بها ؟ فالقول في ذلك على وجهين .
قال بعضهم : كانت موصلة بألم تر كيف فعل ربك ، وذلك أنه ذكر أهل مكة عظيم النعمة عليهم فيما صنع بالحبشة ، ثم قال : لإيلاف قريش أيضا ، كأنه قال : ذلك إلى نعمته عليهم في رحلة الشتاء والصيف ، فتقول : نعمة إلى نعمة ونعمة لنعمة سواء في المعنى .
ويقال : إنه تبارك وتعالى عجب نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقال : اعجب يا محمد لنعم الله تبارك وتعالى على قريش في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، ثم قال : فلا يتشاغلن بذلك عن اتباعك وعن الإيمان بالله . ليعبدوا رب هذا البيت "
" والإيلاف " قرأ عاصم بالياء بعد الهمزة ، وقرأه بعض أهل والأعمش المدينة " إلفهم " مقصورة في الحرفين جميعا ، وقرأ بعض القراء : (إلفهم) . وكل صواب . ولم يختلفوا في نصب الرحلة بإيقاع الإيلاف عليها ، ولو خفضها خافض بجعل الرحلة هي الإيلاف كقولك : العجب لرحلتهم شتاء وصيفا . ولو نصب ، إيلافهم ، أو إلفهم على أن تجعله مصدرا ولا تكره على أول الكلام كان صوابا كأنك قلت : العجب لدخولك دخولا دارنا .
يكون الإيلاف وهو مضاف مثل هذا المعنى كما قال : إذا زلزلت الأرض زلزالها [ ص: 294 ] .