الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: آلآن وقد كنتم به تستعجلون   (الآن) حرف بني على الألف واللام لم تخلع منه، وترك على مذهب الصفة لأنه صفة في المعنى واللفظ كما رأيتهم فعلوا في (الذي) و (الذين) فتركوهما على مذهب الأداة، والألف واللام لهما غير مفارقتين. ومثله قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      فإن الألاء يعلمونك منهم كعلمي مظنوك ما دمت أشعرا



                                                                                                                                                                                                                                      فأدخل الألف واللام على (ألاء) ثم تركها مخفوضة في موضع النصب كما كانت قبل أن تدخلها الألف واللام. ومثله قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      وأني حبست اليوم والأمس قبله     ببابك حتى كادت الشمس تغرب

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 468 ] فأدخل الألف واللام على (أمس) ثم تركه مخفوضا على (جهته الأولى) . ومثله قول الآخر :


                                                                                                                                                                                                                                      تفقأ فوقه القلع السواري     وجن الخازباز به جنونا



                                                                                                                                                                                                                                      فمثل (الآن) بأنها كانت منصوبة قبل أن تدخل عليها الألف واللام، ثم أدخلتهما فلم يغيراها. وأصل الآن إنما كان (أوان) حذفت منها الألف وغيرت واوها إلى الألف كما قالوا في الراح: الرياح أنشدني أبو القمقام الفقعسي:


                                                                                                                                                                                                                                      كأن مكاكي الجواء غدية     نشاوى تساقوا بالرياح المفلفل



                                                                                                                                                                                                                                      فجعل الرياح والأوان على جهة فعل ومرة على جهة فعال كما قالوا: زمن وزمان.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن شئت جعلت (الآن) أصلها من قولك: آن لك أن تفعل، أدخلت عليها الألف واللام، ثم تركتها على مذهب فعل فأتاها النصب من نصب فعل. وهو وجه جيد كما قالوا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال،   [ ص: 469 ] فكانتا كالاسمين فهما منصوبتان. ولو خفضتا على أنهما أخرجتا من نية الفعل كان صوابا سمعت العرب تقول: من شب إلى دب بالفتح، ومن شب إلى دب يقول : مذ كان صغيرا إلى أن دب، وهو فعل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية