وكان وأصحابه يقرؤون: ما جئتم به آلسحر: فيستفهم ويرفع السحر من نية الاستفهام، وتكون (ما) في مذهب أي كأنه قال: أي شيء جئتم به؟ آلسحر هو؟ وفي حرف مجاهد (ما أتيتم به سحر) قال أبي وأشك فيه. الفراء:
وقد يكون (ما جئتم به السحر) تجعل السحر منصوبا كما تقول: ما جئت به الباطل والزور. ثم تجعل (ما) في معنى جزاء و (جئتم) في موضع جزم إذا نصبت، وتضمر الفاء في قوله إن الله سيبطله فيكون جوابا للجزاء. والجزاء لا بد له أن [ ص: 476 ] يجاب بجزم مثله أو بالفاء. فإن كان ما بعد الفاء حرفا من حروف الاستئناف وكان يرفع أو ينصب أو يجزم صلح فيه إضمار الفاء. وإن كان فعلا أوله الياء أو التاء أو كان على جهة فعل أو فعلوا لم يصلح فيه إضمار الفاء لأنه يجزم إذا لم تكن الفاء، ويرفع إذا أدخلت الفاء. وصلح فيما قد جزم قبل أن تكون الفاء لأنها إن دخلت أو لم تدخل فما بعدها جزم كقولك للرجل: إن شئت فقم ألا ترى أن (قم) مجزومة ولو لم يكن فيها الفاء، لأنك إذا قلت إن شئت قم جزمتها بالأمر، فكذلك قول الشاعر :
من يفعل الحسنات الله يشكرها والشر بالشر عند الله مثلان
ألا ترى أن قولك: (الله يشكرها) مرفوع كانت فيه الفاء أو لم تكن، فلذلك صلح ضميرها .