الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها  وهي في قراءة أبي (فهلا) ومعناها: أنهم لم يؤمنوا، ثم استثنى قوم يونس بالنصب على الانقطاع مما قبله: ألا ترى أن ما بعد (إلا) في الجحد يتبع ما قبلها، فتقول: ما قام أحد إلا أبوك، وهل قام أحد إلا أبوك لأن الأب من الأحد فإذا قلت: ما فيها أحد إلا كلبا وحمارا، نصبت لأنها منقطعة مما قبل إلا؛ إذ لم تكن من جنسه، كذلك كان قوم يونس منقطعين من قوم غيره من الأنبياء.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو كان الاستثناء هاهنا وقع على طائفة منهم لكان رفعا. وقد يجوز الرفع فيها كما أن المختلف في الجنس قد يتبع فيه ما بعد إلا ما قبل إلا كما قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      وبلد ليس به أنيس إلا اليعافير وإلا العيس

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 480 ] وهذا قوة للرفع، والنصب في قوله: ما لهم به من علم إلا اتباع الظن

                                                                                                                                                                                                                                      لأن اتباع الظن لا ينسب إلى العلم. وأنشدونا بيت النابغة:


                                                                                                                                                                                                                                      وما بالربع من أحد     إلا أواري ما إن لا أبينها

                                                                                                                                                                                                                                      قال الفراء: جمع في هذا البيت بين ثلاثة أحرف من حروف الجحد: لا، وإن، وما. والنصب في هذا النوع المختلف من كلام أهل الحجاز، والإتباع من كلام تميم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون : العذاب والغضب. وهو مضارع لقوله الرجز، ولعلهما لغتان بدلت السين زايا كما قيل الأسد والأزد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية