الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم  أي إلى الطعام وذلك أنها كانت [ ص: 22 ] سنة في زمانهم إذا ورد عليهم القوم فأتوا بالطعام فلم يمسوه ظنوا أنهم عدو أو لصوص. فهناك أوجس في نفسه خيفة فرأوا ذلك في وجهه، فقالوا: لا تخف، فضحكت عند ذلك امرأته وكانت قائمة وهو قاعد (وكذلك هي في قراءة عبد الله: وامرأته قائمة وهو قاعد) مثبتة فضحكت فبشرت بعد الضحك. وإنما ضحكت سرورا بالأمن فأتبعوها البشرى بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد يقول بعض المفسرين: هذا مقدم ومؤخر. والمعنى فيه: فبشرناها بإسحاق فضحكت بعد البشارة وهو مما قد يحتمله الكلام والله أعلم بصوابه. وأما قوله (فضحكت) : حاضت فلم نسمعه من ثقة ، وقوله (يعقوب) يرفع وينصب وكان حمزة ينوي به الخفض يريد: ومن وراء إسحاق بيعقوب.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يجوز الخفض إلا بإظهار الباء. ويعقوب هاهنا ولد الولد والنصب في يعقوب بمنزلة قول الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                      جئني بمثل بني بدر لقومهم أو مثل أسرة منظور بن سيار     أو عامر بن طفيل في مركبه
                                                                                                                                                                                                                                      أو حارثا يوم نادى القوم يا حار



                                                                                                                                                                                                                                      وأنشدني بعض بني باهلة:


                                                                                                                                                                                                                                      لو جيت بالخبز له ميسرا     والبيض مطبوخا معا والسكرا


                                                                                                                                                                                                                                      لم يرضه ذلك حتى يسكرا

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 23 ] فنصب على قولك: وجئت بالسكر، فلما لم يظهر الفعل مع الواو نصب كما تأمر الرجل بالمرور على أخيه فتقول: أخاك أخاك تريد: امرر به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية