الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك  ،

                                                                                                                                                                                                                                      يقول القائل: ما هذا الاستثناء وقد وعد الله أهل النار الخلود وأهل الجنة الخلود؟ ففي ذلك معنيان أحدهما أن تجعله استثناء يستثنيه ولا يفعله كقولك: والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك، وعزيمتك على ضربه، فكذلك قال خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ولا يشاؤه والله أعلم، والقول الآخر أن العرب إذا استثنت شيئا كبيرا مع مثله أو مع ما هو أكبر منه كان معنى إلا ومعنى الواو سواء، فمن ذلك قوله خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض سوى ما يشاء من زيادة الخلود فيجعل (إلا) مكان (سوى) فيصلح. وكأنه قال: خالدين فيها مقدار ما كانت السماوات وكانت الأرض سوى ما زادهم من الخلود [و] الأبد. ومثله في الكلام أن تقول: لي عليك ألف إلا الألفين اللذين من قبل فلان أفلا ترى أنه في المعنى: لي عليك سوى الألفين. وهذا أحب الوجهين إلي، لأن الله عز وجل لا خلف لوعده، فقد وصل الاستثناء بقوله عطاء غير مجذوذ فاستدل على أن الاستثناء لهم بالخلود غير منقطع عنهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية