ومثله وإن منكم لمن ليبطئن وأما من شدد (لما) فإنه -والله أعلم- أراد: لمن ما ليوفينهم، فلما اجتمعت ثلاث ميمات حذف واحدة فبقيت اثنتان فأدغمت في صاحبتها كما قال الشاعر:
وإنى لمما أصدر الأمر وجهه إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
ثم يخفف كما قرأ بعض القراء (والبغي يعظكم) بحذف الياء (عند الياء) أنشدني الكسائي:
وأشمت الغداة بنا فأضحوا لدي تباشرون بما لقينا
معناه (لدي) يتباشرون فحذف لاجتماع الياءات ومثله:
كأن من آخرها القادم مخرم نجد قارع المخارم
أراد: إلى القادم فحذف اللام عند اللام. وأما من جعل (لما) بمنزلة إلا فإنه وجه لا نعرفه وقد قالت العرب: بالله لما قمت عنا، وإلا قمت عنا، فأما في الاستثناء فلم يقولوه في شعر ولا غيره ألا ترى أن ذلك لو جاز لسمعت في الكلام: ذهب الناس لما زيدا.
وأما الذين خففوا (إن) فإنهم نصبوا كلا بـ (ليوفينهم) ، وقالوا: كأنا قلنا: وإن ليوفينهم [ ص: 30 ] كلا. وهو وجه لا أشتهيه. لأن اللام إنما يقع الفعل الذي بعدها على شيء قبله فلو رفعت (كل) لصلح ذلك كما يصلح أن تقول: إن زيد لقائم ولا يصلح أن تقول: إن زيدا لأضرب لأن تأويلها كقولك: ما زيدا إلا أضرب فهذا خطأ في إلا وفي اللام.
وقرأ الزهري وإن كلا لما ليوفينهم ينونها فجعل اللم شديدا كما قال وتأكلون التراث أكلا لما فيكون في الكلام بمنزلة قولك: وإن كلا حقا ليوفينهم، وإن كلا شديدا ليوفينهم. وإذا عجلت العرب باللام في غير موضعها أعادوها إليه كقولك: إن زيدا لإليك لمحسن، كان موقع اللام في المحسن ، فلما أدخلت في إليك أعيدت في المحسن ومثله قول الشاعر:
ولو أن قومي لم يكونوا أعزة لبعد لقد لاقيت لا بد مصرعا
أدخلها في (بعد) وليس بموضعها ، ومثله قول إني لبحمد الله لصالح. أبي الجراح: