الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: القصر رخصة   . وقال أبو حنيفة: عزيمة وعن أصحاب مالك كالمذهبين.

                                                              لنا أربعة أحاديث.

                                                              الحديث الأول:

                                                              762 - أخبرنا هبة الله بن محمد ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، حدثنا ابن إدريس ، قال: أنبأنا ابن جريج ، عن ابن أبي عمار ، عن عبد الله بن باباه عن يعلى بن أمية ، قال: سألت عمر بن الخطاب قلت: ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يقتلكم الذين كفروا وقد أمن الناس فقال لي عمر: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله عليكم فاقبلوا صدقته" انفرد بإخراجه مسلم .

                                                              الحديث الثاني:

                                                              763 - أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم ، قال: أنبأنا أبو عامر وأبو بكر ، قالا: أنبأنا ابن الجراح ، قال: أنبأنا ابن محبوب ، قال: حدثنا الترمذي ، قال: حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، حدثنا أبو هلال ، عن عبد الله بن سوادة عن أنس بن مالك -رجل من بني عبد الله بن كعب- ، قال: "أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى فقال: ادن فكل فقلت: إني صائم فقال: ادن أحدثك عن الصوم إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحامل أو المرضع الصوم فيا لهف نفسي أن لا [ ص: 494 ] أكون طعمت من طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم" ليس لأنس هذا غير هذا الحديث وهو يدل على أن فرض المسافر أربع.

                                                              الحديث الثالث:

                                                              764 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، قال: أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، حدثنا محمد بن عبد الملك ، حدثنا الدارقطني ، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل ، قال: حدثنا سعيد بن محمد بن ثواب ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا عمر بن سعيد ، عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم" قال الدارقطني : إسناد صحيح وقد اعترض على هذا الحديث بعض الفقهاء فقال: يرويه مغيرة بن زياد وقد ضعفه أحمد ، وقال أبو زرعة: لا يحتج بحديثه ولعمري إنه قد رواه مغيرة ، عن عطاء غير أنا لم نخرجه من تلك الطريق ثم إن المغيرة قد وثقه وكيع ، ويحيى بن معين .

                                                              الحديث الرابع:

                                                              765 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، قال: أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك ، حدثنا علي بن عمر ، قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري ، حدثنا عبد الله ابن محمد بن عمرو ، قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، حدثنا العلاء بن زهير ، عن عبد الرحمن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت فقلت: بأبي وأمي أفطرت وصمت وقصرت وأتممت قال: أحسنت يا عائشة" قال الدارقطني : هذا إسناد حسن وقد احتج أصحابنا بحديث خامس ذكره أبو بكر الأثرم من حديث أنس بن مالك ، قال: كنا نسافر فمنا المتم ومنا المقصر لا نعتب بعضنا على بعض غير أن هذا الحديث لا يصح تفرد به زيد العمي وليس بشيء وإنما الحديث المعروف "فمنا الصائم ومنا المفطر" احتجوا بحديث وثلاثة آثار. أما الحديث:

                                                              766 - فأخبرنا الحسين بن أحمد الحناط ، قال: أنبأنا عبد الصمد بن المأمون ، قال: أنبأنا الدارقطني ، حدثنا أحمد بن محمد بن المغلس ، حدثنا أبو همام ، قال: حدثني بقية بن الوليد ، عن أبي يحيى المديني ، عن عمرو بن شعيب.

                                                              767 - وأنبأنا عبد الوهاب الحافظ ، قال: أنبأنا محمد بن المظفر ، أنبأنا العسفي ، قال: حدثنا يوسف بن أحمد ، حدثنا العقيلي ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زياد ، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن عبد العزيز بن عبيد الله ، عن عبيد بن [ ص: 495 ] عمر كلاهما عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المتم الصلاة في السفر كالمقصر في الحضر". وأما الآثار.

                                                              768 - فأخبرنا ابن الحصين ، قال: أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا وكيع ، قال: حدثنا سفيان ، عن زبيد اليامي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر ، قال: "صلاة السفر ركعتان وصلاة الضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم".

                                                              والثاني من أفراد مسلم قول ابن عباس فرض الله الصلاة على نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة.

                                                              والثالث في الصحيحين عن عائشة قالت فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر فزيد في صلاة الحضر.

                                                              والجواب: أما الحديث فلا يصح ، في طريقه الأول ابن المغلس وكان كذابا وفي طريقه الثاني عبد العزيز ، قال أبو زرعة: هو واهي الحديث ، وقال النسائي: متروك ، قال العقيلي: عمر مجهول في النقل وليس من هذا المتن شيء يثبت وإنما روي هذا الحديث بلفظ آخر "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر" مع ضعف الرواية فيه ، وأما قول عمر فالمراد أنها تجزئه تامة لا تقصر عن إدراك الثواب بالأربع ، وكيف يدعي أنها غير مقصورة ولفظ القرآن والإجماع يخالفه ، وأما قول ابن عباس فجوابه من وجهين: أحدهما: أنه رأيه. والثاني: أنا نحمله على من اختار القصر فإنه فرضه. وجواب حديث عائشة من وجهين: أحدهما: أنه رأي لا رواية والثاني: أنها تشير إلى المفروض الأول يدل عليه أن عائشة كانت تتم في السفر.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية