الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: الأذنان والرأس يمسحان بماء الرأس  ، وقال الشافعي ليسا من الرأس [ ص: 151 ] ويسن لهما ماء جديد ؛ لنا سبعة أحاديث:

                                                              الحديث الأول:

                                                              138 - أخبرنا ابن الحصين ، قال أنبأنا ابن المذهب ، قال أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال حدثني أبي ، حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا حماد بن زيد ، عن سنان بن ربيعة ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأذنان من الرأس .   [ ص: 152 ] فإذا قال الخصم : في هذا الحديث سنان وشهر ، فأما سنان فقال أبو حاتم الرازي : هو مضطرب الحديث وأما شهر فقال ابن عدي : ليس بالقوي ولا يحتج بحديثه ، وقال الدارقطني ، قال سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد : إن قوله : "الأذنان من الرأس" ، من قول أبي أمامة غير مرفوع ، وهو الصواب ، فالجواب: أما شهر فقد وثقه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأما سنان فإنما قال فيه يحيى : ليس بالقوي ، والاضطراب في الحديث لا يمنع الثقة ، وجواب قول من قال : "هو قول أبي أمامة " أن نقول الراوي قد يرفع الشيء وقد يفتي به.

                                                              الحديث الثاني:

                                                              139 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا ابن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، قال حدثنا ابن صاعد ، قال حدثنا الجراح بن مخلد ، قال حدثنا يحيى بن العريان الهروي ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن أسامة بن زيد ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الأذنان من الرأس . قالوا : قد قدح أحمد في أسامة وقال : قد روى عن نافع أحاديث مناكير ، وقال [ ص: 153 ] النسائي : ليس بالقوي ، قلنا: قد قال يحيى بن معين : هو ثقة صالح ، قالوا : فقد قال الدارقطني : رفعه وهم ، والصواب أنه موقوف على ابن عمر ، قلنا : الذي يرفعه يذكر زيادة ، والزيادة من الثقة مقبولة ، والصحابي قد يروي الشيء مرفوعا ، وقد يقوله على سبيل الفتوى.

                                                              الحديث الثالث:

                                                              140 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، قال أنبأنا أبو طاهر ، قال أنبأنا ابن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، أنبأنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا النيسابوري ، حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ، حدثنا أبو كامل الجحدري ، حدثنا غندر محمد بن جعفر ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الأذنان من الرأس . [ ص: 154 ] قالوا قد قال الدارقطني : تفرد به أبو كامل ، عن غندر وهو وهم وتابعه الربيع بن بدر ، وهو متروك ، والصواب عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا ، قلنا: أبو كامل لا نعلم أحدا طعن فيه ، والرفع زيادة ، والزيادة من الثقة مقبولة ، كيف وقد وافقه غيره ، فإن لم يعتد برواية الموافق اعتبر بها ، ومن عادة المحدثين أنهم إذا رأوا من وقف الحديث ، ومن رفعه وقفوا مع الواقف احتياطا ، وليس هذا مذهب الفقهاء ، ومن الممكن أن يكون ابن جريج سمعه من عطاء مرفوعا ، وقد رواه له سليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مسند.

                                                              الحديث الرابع:

                                                              141 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر ، قال أنبأنا ابن بشران ، حدثنا الدارقطني ، حدثنا علي بن عبيد بن مبشر ، قال حدثنا محمد بن حرب ، حدثنا علي بن عاصم ، عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الأذنان من الرأس. [ ص: 155 ] قالوا: قد قال الدارقطني : وهم علي بن عاصم في قوله عن أبي هريرة ، والصحيح عن ابن جريج ، عن سليمان مرسلا ، قلنا: قد أجبنا عن هذا آنفا ، وبينا مذهب المحدثين في ذلك.

                                                              الحديث الخامس:

                                                              142 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر ، قال أنبأنا ابن بشران ، حدثنا الدارقطني ، حدثنا علي بن الفضل بن طاهر البلخي ، حدثنا حماد بن محمد بن حفص ، حدثنا محمد بن الأزهر الجوزجاني ، حدثنا الفضل بن موسى السيناني ، عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن الزهري ، عن عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأذنان من الرأس . قالوا : قال الدارقطني : المرسل أصح ، قلنا : قد سبق جوابه.

                                                              الحديث السادس:

                                                              143 - أخبرنا ابن عبد الخالق أنا أبو طاهر ، حدثنا ابن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدثنا أحمد بن بكر أبو سعيد ، حدثنا محمد بن مصعب القرقساني ، حدثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأذنان من الرأس . [ ص: 156 ] قالوا : جابر هو ابن يزيد الجعفي وقد ضعفوه ، قلنا: قد وثقه الثوري ، وشعبة ، قالوا : فقد رواه مرة ، عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قلنا: الراوي قد يسند وقد يختصر ، وقد روي هذا الحديث من وجوه كثيرة فيها طعون ، فاقتصرنا على ما ذكرنا.

                                                              الحديث السابع:

                                                              144 - أخبرنا الكروخي ، أنبأنا الأزدي ، والغورجي ، قالا أنبأنا الجراحي ، قال حدثنا المحبوبي ، قال حدثنا الترمذي ، حدثنا قتيبة ، حدثنا بكر بن مضر ، عن ابن عجلان ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ قالت : فمسح رأسه وصدغيه وأذنيه مرة واحدة . وقد روى الخصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماء جديدا لأذنيه ولا حجة لهم في هذا ؛ لأنا نقول هذا الأولى .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية