الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              الحديث الثاني:

                                                              207 - وبالإسناد قال الدارقطني : حدثنا محمد بن مخلد ، قال حدثنا يزيد بن الهيثم ، حدثنا صبح بن دينار ، حدثنا المعافى بن عمران ، حدثنا ابن لهيعة ، عن زبان بن فائد ، عن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الضاحك في الصلاة والملتفت والمفرقع أصابعه بمنزلة واحدة.  

                                                              208 - وأخبرنا غالب بن الحصين ، قال أنبأنا ابن المذهب ، قال حدثنا القطيعي ، قال حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال حدثني أبي ، حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة فذكره ، وهذان الحديثان ضعيفان ، أما الأول فقد اختلف فيه عن أبي شيبة.

                                                              209 - وأخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، حدثنا أبو بكر بن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول ، قال حدثني أبي ، عن أبي شيبة ، عن يزيد أبي خالد ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكلام ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء  ، ثم أبو شيبة واسمه عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف ، كذلك قاله يحيى بن معين ، وقال أحمد : ليس بشيء ، منكر الحديث ، وأما يزيد فقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ، وأما الحديث الثاني فقال يحيى : سهل ضعيف. وقال ابن حبان : لست أدري التخليط منه أو من زبان ، وزبان لا يحتج به ، قال أحمد : أحاديثه مناكير ، وقال أبو حاتم [ ص: 194 ] الرازي : هو صالح ، احتجوا بحديث قد روي مرفوعا من سبعة طرق ، ومرسلا من وجوه.

                                                              الطريق الأول:

                                                              من المرفوع:

                                                              210 - أنبأنا إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا إسماعيل بن مسعدة ، حدثنا حمزة بن يوسف ، قال أنبأنا أبو أحمد بن عدي ، حدثنا ابن جوصا ، حدثنا عطية بن بقية ، قال حدثني أبي ، حدثنا عمرو بن قيس السكوني ، عن عطاء ، عن ابن عمر ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ضحك في صلاة فقهقه فليعد الوضوء والصلاة .

                                                              الطريق الثاني:

                                                              211 - أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، أنبأنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن حسنويه ، حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حسن ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا عبد العزيز بن حصن ، عن عبد الكريم بن أبي أمية ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ضحك في الصلاة فليعد الوضوء والصلاة   .

                                                              الطريق الثالث:

                                                              212 - أنبأنا إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أيوب بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف ، حدثنا أبو أحمد بن عدي ، حدثنا أحمد بن الحسين الصوفي ، حدثنا سفيان بن محمد الفزاري ، قال حدثنا ابن وهب ، أخبرني يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن أبي معاذ ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس ، فدخل أعمى المسجد فتردى في بئر أو حفرة ، فضحك القوم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة   .

                                                              الطريق الرابع:

                                                              213 - أنبأنا إسماعيل بن أحمد ، قال أنبأنا ابن مسعدة ، أنبأنا حمزة ، قال حدثنا ابن عدي ، قال حدثنا زيد بن عبد الله بن زيد الفارض ، قال حدثنا كثير بن عبيد ، قال حدثنا بقية ، عن محمد [ ص: 195 ] الخزاعي ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ضحك: أعد وضوءك .  

                                                              قال ابن عدي : وحدثنا ابن صاعد ، قال حدثنا محمد بن عيسى بن حبان ، قال حدثنا الحسن بن قتيبة ، قال حدثنا عمر بن قيس بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قهقه أعاد الوضوء والصلاة .

                                                              الطريق الخامس:

                                                              214 - أنبأنا إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا إسماعيل بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف ، قال حدثنا ابن عدي ، قال حدثنا ابن زهير التستري ، حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري ، حدثنا عمر ، حدثنا أبي ، عن أبي إسحاق ، قال حدثني ابن دينار ، عن الحسن البصري ، عن أبي المليح الهذلي عن أبيه قال بينا نحن نصلي خلف رسول الله إذ أقبل رجل ضرير البصر ، فوقع في حفرة قريبا منا ، فضحك بعضنا ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعادة الوضوء والصلاة من أولها .

                                                              الطريق السادس:

                                                              215 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، قال أنبأنا أبو بكر بن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، قال حدثنا أبو بكر النيسابوري ، حدثنا إبراهيم بن هانئ ، قال حدثنا محمد بن يزيد بن سنان ، قال حدثنا سليمان الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ضحك منكم في صلاته فليتوضأ ثم ليعد الصلاة .

                                                              الطريق السابع:

                                                              216 - وبالإسناد حدثنا الدارقطني ، قال حدثنا دعلج ، قال حدثنا محمد بن علي بن زيد ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن هشام بن حسان عن حفصة ، عن أبي العالية عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه فمر رجل في بصره سوء فتردى في بئر ، فضحك طوائف من القوم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة ، وقد أرسل هذا الحديث جماعة منهم الحسن [ ص: 196 ] .

                                                              217 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، قال حدثنا ابن يوسف ، أنبأنا أبو بكر بن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، قال حدثنا أبو بكر النيسابوري ، قال حدثني موهب بن يزيد ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن الحسن ، قال : بينا النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء رجل فوقع من حفرة فضحك بعض القوم ، فأمر من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة ، ومنهم معبد الجهني.

                                                              218 - وبالإسناد حدثنا الدارقطني ، قال حدثنا أبو بكر الشافعي ، وأحمد بن زياد ، قالا حدثنا إسماعيل بن محمد بن أبي كثير القاضي ، قال حدثنا مكي بن إبراهيم ، قال حدثنا أبو حنيفة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن ، عن معبد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بينما هو في الصلاة إذ أقبل أعمى فوقع في زبية ، فاستضحك القوم حتى قهقهوا ، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة ، ومنهم أبو العالية.

                                                              219 - وبه حدثنا الدارقطني ، حدثنا أبو بكر النيسابوري ، قال حدثنا يوسف بن سعيد ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زائدة ، عن هشام ، عن حفصة ، عن أبي العالية ، قال جاء رجل في بصره سوء ، فدخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، فتردى في حفرة كانت في المسجد ، فضحك طوائف منهم ، فلما قضى صلاته أمر من كان ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة . هذا حديث أبي العالية هو الذي رواه مرسلا ، وكل من رفعه فقد غلط ، ومن أرسله عن غيره فإنه يرجع إليه.

                                                              فأما الطريق الأول ففيه بقية ، ومن عادته التدليس ، فكأنه سمعه من بعض الضعفاء فحذف اسم ذاك ، وقد كان له رواة يسوون الحديث ، ويحذفون اسم الضعيف.

                                                              وأما طريق أبي هريرة ففيه علل ؛ إحداهن أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة ، والثانية عبد الكريم فقد رماه أيوب السختياني بالكذب ، وقال أحمد ، ويحيى : ليس بشيء ، وقال السعدي : غير ثقة ، وقال الدارقطني : متروك ، والثالثة عبد العزيز ، قال يحيى : ليس يساوي حديثه فلسا ، وقال مسلم بن الحجاج : ذاهب الحديث ، وقال النسائي : متروك الحديث.

                                                              وأما طريق أنس ففيه آفتان ؛ أبو معاذ واسمه سليمان بن أرقم ، قال أحمد : ليس بشيء ، لا يروى عنه الحديث ، وقال يحيى : ليس بشيء ، لا يساوي فلسا ، وقال النسائي ، والدارقطني : متروك ، والثانية سفيان بن محمد ، قال ابن عدي : كان يسرق الأحاديث ويسوي الأسانيد ، وفي حديثه موضوعات ، والبلاء في هذا الحديث منه ، وقد رواه داود بن المحبر ، عن أيوب بن خوط ، عن قتادة عن أنس ، وداود متروك .

                                                              [ ص: 197 ] وأما حديث عمران ففي طريقه الأول الخزاعي ، قال ابن عدي : وهو من مجهولي مشايخ بقية ، قال : ويقال في هذا الحديث عن محمد بن راشد ، عن الحسن ، وابن راشد مجهول أيضا ، وفي طريقه الثاني عمرو بن عبيد ، وهو كذاب ، وعمر بن قيس وهو متروك ، وأما حديث أسامة ففيه الحسن بن دينار ، وقد رواه الحسن بن عمارة ، عن خالد الحذاء ، عن أبي المليح ، عن أبيه ، وقد حكم شعبة بكذب الحسن بن دينار ، وابن عمارة ، قال الدارقطني : وقد أخطأ في الإسناد ، إنما روى هذا الحديث الحسن البصري ، عن حفص بن سليمان المنقري ، عن أبي العالية ، قال : وقول الحسن بن عمارة لا عن خالد الحذاء وهم قبيح ، وإنما رواه خالد الحذاء ، عن حفصة بنت سيرين ، عن أبي العالية .

                                                              وأما حديث جابر ففيه يزيد بن سنان ، ضعفه أحمد ، وعلي ، وقال يحيى : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك ، وقال الدارقطني : وهم يزيد بن سنان فيه في موضعين ؛ أحدهما في رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والثاني في لفظه ، والصحيح عن الأعمش عن أبي سفيان ، عن جابر من قوله : من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ، ولم يعد الوضوء ، كذلك رواه جماعة من الثقات الرفعاء عن الأعمش ، منهم الثوري ، وأبو معاوية ، ووكيع وغيرهم ، وقد روي حديث عن جابر يدل على ما جرى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، غير أنه لا يصح ، وهو ما:

                                                              220 - أخبرنا أبو الحسين بن عبد الخالق ، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، أنبأنا ابن بشران ، قال حدثنا علي بن عمر بن مهدي ، حدثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق البهلول ، قال حدثني جدي ، قال حدثنا المسيب بن شريك ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال : ليس على من ضحك في الصلاة إعادة وضوء ، إنما كان ذلك لهم حين ضحكوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يصح . قال يحيى بن معين : المسيب ليس بشيء ، وقال أحمد : ترك الناس حديثه ، وقال الفلاس : اجتمعوا على ترك حديثه ، وأما حديث الرجل من الأنصار فغلط من خالد بن عبد الله الواسطي ، قال الدارقطني : لم يصنع خالد شيئا ، وقد خالفه خمسة أثبات حفاظ : معمر وأبو عوانة [ ص: 198 ] وسعيد بن أبي عروبة ، وسعيد بن بشير وتابعهم سلم بن أبي الذيال فرواه عن قتادة أنه قال: بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء خمسة ثقات ، فأما أيوب بن خوط ، وداود بن المحبر ، وعبد الرحمن بن عمرو بن حبلة ، والحسن بن دينار فليس فيهم من يجوز الاحتجاج به لو لم يكن له مخالف ، فكيف وقد خالفهم الثقات قال: وأما حديث معبد فوهم فيه أبو حنيفة على منصور ، وإنما رواه منصور بن زاذان ، عن ابن سيرين ، عن معبد ، ومعبد لا صحبة له.

                                                              221 - أخبرنا أبو الحسين بن الفرج ، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، قال حدثنا عبد الملك بن بشران ، قال حدثنا علي بن عمر ، حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، قال حدثنا علي بن المديني ، قال قال لي عبد الرحمن بن مهدي : هذا الحديث يدور على أبي العالية ، فقلت: قد رواه الحسن مرسلا ، فقال حدثني حماد بن زيد ، عن حفص بن سليمان المنقري ، قال : أنا حدثت به الحسن ، عن حفصة ، عن أبي العالية فقلت: فقد رواه إبراهيم مرسلا ، فقال عبد الرحمن : حدثني شريك ، عن أبي هاشم ، قال : أنا حدثت إبراهيم ، عن أبي العالية فقلت : فقد رواه الزهري مرسلا ، فقال: قرأته في كتاب ابن أخي الزهري ، عن الزهري ، عن سليمان بن أرقم ، عن الحسن ، قال الدارقطني : فرجعت الأسانيد كلها إلى أبي العالية ، وأبو العالية أرسل هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسم بينه وبينه رجلا سمعه منه ، قال وقد روى عاصم الأحول ، عن محمد بن سيرين ، وكان عالما بأبي العالية ، وبالحسن ، قال : لا تأخذوا بمراسيل الحسن ولا أبي العالية ؛ فإنهما لا يباليان عمن أخذا ، وقال أبو أحمد بن عدي الحافظ : كل رواة هذا الحديث ترجع إلى أبي العالية ، ومن أجل هذا الحديث تكلم في أبي العالية ، وقال أحمد بن حنبل : لي في الضحك حديث صحيح .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية