الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: لا ينعقد النكاح إلا بلفظي الإنكاح والتزويج ، أو معناهما الخاص في حق من لم يحسن اللفظية  ، وقال أبو حنيفة : ينعقد بهما ، وبكل لفظ يدل على التمليك كلفظ البيع والهبة والملك ، وأصحابنا يستدلون بقوله تعالى: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إلى قوله: خالصة لك وبما:

                                                              1732 - أخبرنا به عبد الوهاب بن المبارك ، قال: أنبأ عاصم بن الحسن ، أنبأ ابن بشران ، ثنا أبو علي بن صفوان ، ثنا أبو بكر القرشي ، ثنا الحسن بن الصباح ، ثنا مكي بن إبراهيم ، ثنا موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أيها الناس ، إن النساء عوان عندكم ، لا يملكن لأنفسهن ضرا ولا نفعا ، أخذتموهن بأمانة الله -عز وجل- ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله . قالوا: وكلمة الله هي المذكورة في القرآن ، ولم يذكر إلا الإنكاح والتزويج؛ فدل على أن غير الكلمة لا يستحل بها. احتجوا بما:

                                                              1734 - أخبرنا به عبد الأول ، أنبأ ابن المظفر ، قال: أنبأ ابن أعين عن أبيه ، عن سهل بن سعد ، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ، جئت أهب لك نفسي ، فنظر إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصعد النظر فيها وصوبه ، ثم طأطأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست ، فقام رجل من أصحابه ، فقال: يا رسول الله ، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها. قال: هل عندك من شيء؟ قال: لا والله ، فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا ، فذهب ثم رجع ، فقال: لا والله ، ما وجدت شيئا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظر ولو خاتما من حديد ، فذهب ، ثم رجع ، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد ، ولكن هذا إزاري فلها نصفه ، فقال: ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء ، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء ، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام ، فرآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موليا ، فأمر به فدعي ، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا عددها ، فقال: تقرأهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم ، قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن . أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. والجواب: أن هذا الحديث قد رواه مالك والثوري وابن عيينة وحماد بن [ ص: 272 ] زيد وزائدة ووهيب والدراوردي وفضيل بن سليمان فكلهم قالوا: زوجتكها ، ورواه غسان فقال: أنكحناكها ، وإنما روى ملكتكها ثلاثة أنفس: معمر وكان كثير الغلط ، وعبد العزيز بن أبي حازم ويعقوب الإسكندراني وليسا بحافظين ، والأخذ برواية الحفاظ الفقهاء مع كثرتهم أولى.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية