الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث الحسن: "أن عبيدة بن أبي رايطة قال: أتيناه فازدحمنا على مدرجته: مدرجة رثة فقال: أحسنوا ملأكم أيها المرؤون، وما على البناء شفقا، ولكن عليكم فاربعوا، رحمكم الله".

يرويه أحمد بن إبراهيم الدورقي، أخبرنا عبد الصمد، حدثني عبيدة [قال: وحدثني أبو عمرو الحيري، قال: حدثنا مسدد بن قطن].

قوله: أحسنوا ملأكم.  قال أبو زيد: يقال للرجل: أحسن ملأك أي: خلقك.

[ ص: 93 ]

والمرؤون: جمع المرء، يقال مرء ومرآن، وامرؤ وامرؤان، وقل ما يجمع من لفظه، كما لا تجمع المرأة من لفظها، إنما يقال: النساء.

ويروى عن يونس النحوي أو غيره، قال: "قال: ذهبنا إلى رؤبة بن العجاج، فلما رآنا قال: أين يريد المرؤون؟ ".

وقوله: ما على البناء شفقا، ولكن عليكم، نصب شفقا على إضمار الفعل، كأنه قال: ما على البناء أشفق شفقا، أو أريد شفقا، ولكن عليكم أشفق.

وقد ينصب كثير من الكلام على إضمار الفعل، كقولهم: كلاهما وتمرا: أي: كلاهما ثابت لي، وزدني تمرا، وقولهم: "ما كل سوداء تمرة، ولا كل بيضاء شحمة"، على معنى لا تكون كل سوداء تمرة.

وقولهم: أخذته بدرهم فصاعدا، كأنه قال: فزاد صاعدا، أي: فذهب صاعدا، ومثله في الكلام كثير.

وقوله: فاربعوا، أي: ارفقوا بأنفسكم.

قال الأصمعي: يقال: اربع على نفسك: أي: ارفق بنفسك وكف.

التالي السابق


الخدمات العلمية