وقال في حديث أبو سليمان "أن الحسن: عبيدة بن أبي رايطة قال: أتيناه فازدحمنا على مدرجته: مدرجة رثة فقال: أحسنوا ملأكم أيها المرؤون، وما على البناء شفقا، ولكن عليكم فاربعوا، رحمكم الله".
يرويه أخبرنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، عبد الصمد، حدثني عبيدة [قال: وحدثني قال: حدثنا أبو عمرو الحيري، مسدد بن قطن].
قال قوله: أحسنوا ملأكم. يقال للرجل: أحسن ملأك أي: خلقك. أبو زيد:
[ ص: 93 ]
والمرؤون: جمع المرء، يقال مرء ومرآن، وامرؤ وامرؤان، وقل ما يجمع من لفظه، كما لا تجمع المرأة من لفظها، إنما يقال: النساء.
ويروى عن يونس النحوي أو غيره، قال: "قال: ذهبنا إلى رؤبة بن العجاج، فلما رآنا قال: أين يريد المرؤون؟ ".
وقوله: ما على البناء شفقا، ولكن عليكم، نصب شفقا على إضمار الفعل، كأنه قال: ما على البناء أشفق شفقا، أو أريد شفقا، ولكن عليكم أشفق.
وقد ينصب كثير من الكلام على إضمار الفعل، كقولهم: كلاهما وتمرا: أي: كلاهما ثابت لي، وزدني تمرا، وقولهم: "ما كل سوداء تمرة، ولا كل بيضاء شحمة"، على معنى لا تكون كل سوداء تمرة.
وقولهم: أخذته بدرهم فصاعدا، كأنه قال: فزاد صاعدا، أي: فذهب صاعدا، ومثله في الكلام كثير.
وقوله: فاربعوا، أي: ارفقوا بأنفسكم.
قال يقال: اربع على نفسك: أي: ارفق بنفسك وكف. الأصمعي: