وقال في حديث أبو سليمان عبد الملك قال: "تفاخر سبعة نفر: مضري، وأزدي، ومدني، وشامي، وهجري، وبكري، وطائفي".
فقال المضري: هاتوا كجزور سنمة في غداة شبمة، في قدور رذمة بمواسي خذمة، معبوطة نفسها غير ضمنة.
وقال الأزدي: والله لقرص بري بأبطح قري بلبن قشري سمن وعسل أطيب من هذا.
وقال الشامي: والله لخبزة أنبخانية بخل وزيت تنال من أدناها فيضرط أقصاها نتخطى إليها تخطي بنات المخاض الجرف أطيب من هذا.
وقال المدني: والله لفطس خنس بزبد جمس يغيب فيها الضرس أطيب من هذا.
وقال الطائفي: والله لعنب قطيف بوادي ثقيف أصابه الخريف أطيب من هذا.
وقال الهجري: والله لتعضوض كأنه أخفاق الرباع أطيب من هذا [ ص: 162 ] .
وقال البكري: والله لقارص قمارص يقطر منه البول قطرة قطرة أطيب من هذا .
أخبرناه أبو رجاء الغنوي، نا أبي، عن نا إسحاق بن راهويه، عن سليمان بن حرب، عن أبي عوانة، عبد الملك بن عمير.
وحدثنيه الأزهري، نا المنذري، نا محمد بن بشر بن مطر، نا عن خالد بن خداش، عن أبي عوانة، وذكر القصة، فقال: لبن عشري مكان قشري. عبد الملك بن عمير،
الجزور السنمة: هي العظيمة السنام، يقال: بعير سنم، قال الشاعر:
تشقى به كل مرباع مودعة عرفاء يشتو عليها تامك سنم
والغداة الشبمة، هي الباردة، يقال: ماء شبم: أي بارد.والرذمة: الممتلئة التي تسيل، يقال: رذم رذما: أي سال. قال الشاعر:
ترى الأرامل والهلاك تتبعه يستن منه عليهم وابل رذم
قال: وليس الرذم من صفة القدر، وإنما يقال: جفان رذمة. قال: وكذلك الرواية عندي [ ص: 163 ] .
وأخبرني أبو رجاء الغنوي، أنا قال: يقال: أتانا بجفان رذم ورذم، أي مملوءة تسيل، ولا يقال: رذم. أبو العباس ثعلب،
والمواسي الخذمة، هي القاطعة، يقال: خذمت اللحم، إذا قطعته، قال شقران مولى قضاعة:
جفاة المحز لا يصيبون مفصلا ولا يأكلون اللحم إلا تخذما
ويقال: للرجل إذا احتضر شابا، مات عبطة، قال أمية بن أبي الصلت:
من لم يمت عبطة يمت هرما للموت كأس فالمرء ذائقها
والعرب تذم على أكل لحوم ذوات الأدواء [ ص: 164 ] .
وتقول: بنو فلان يأكلون العوارض، وهي التي قد عرض لها داء، فنحرت من أجله.
وقوله: بأبطح قري. قال المنذري: سئل شمر عن هذا، فقال: لا أعرفه إلا أن يكون من القر.
وقوله: بلبن قشري، هكذا قال الغنوي، ولا أعرف له معنى إلا أن يكون منسوبا إلى القشرة، وهي قطرة شديدة تقشر الحصا عن متن الأرض.
يريد لبنا أدره المرعى الذي ينبته هذا المطر، أو يكون أراد اللبن الذي فوقه قشر من الرغوة.
فأما العشري: فإنه منسوب إلى العشر، وهو شجر، يريد لبن إبل ترعى العشر أو يكون منسوبا إلى العشار وهي الإبل، قال إذا بلغت الناقة في حملها عشرة أشهر فهي عشراء، ثم لا يزال كذلك اسمها حتى تضع، وبعدما تضع أيضا لا يزايلها، وجمعها عشار. الأصمعي:
وقوله: خبزة أنبخانية: أي لينة هشة، ويقال: عجين أنبخان: أي مختمر، وقد نبخ العجين ينبخ.
وأخبرني عن أبو عمر، قال: يقال عجين أنبخان: إذا كان مسترخيا، قال: ومثله عجين وريخ. أبي العباس ثعلب
قال يقال أورخت العجين وأمرخته وأرخفته، إذا أكثرت ماءه حتى يسترخي. أبو زيد:
وقال ثريد أنبخاني: إذا كان فيه لين وانتفاخ [ ص: 165 ] . أبو مالك:
وأخبرني الأزهري، أنا المنذري، عن شمر قال: قال سألت أعرابيا، فقلت: لا أحسب لك بصرا بالطعام، قال: لأنا أعلم الناس به، قال: قلت: صف، قال: ثريد أنبخاني يصب عليه قدر آراب رمصاء من السمن، رمكاء من الفلفل ذات قوب من الكمأة وجدر من الحمص. الأصمعي:
قال: قلت: كيف أكلك؟ قال: أصدع بهاتين وأسند بهذه، يعني الإبهام، وأجمع ما يشذ بهذه، يعني البنصر، وآكل منها أكل ولي السوء في مال اليتيم.
قال شمر: آراب: أعضاء اللحم، ورمصاء: من الرمص الذي يسيل من العين، ورمكاء: من الأرمك، وهو أن يضرب إلى السواد، والقوب: نتو وغلظ، وجدر من الجدري.
وقول المدني: لفطس خنس، يريد تمر المدينة، وذلك أن تمورها صغار الحب لاطئة الأقماع، فلذلك جعلها فطسا. والفطس: جمع الأفطس، وهو القصير الأنف العريضه. والخنس: جمع الأخنس، وهو الذي قد انخنس أنفه ولذلك قيل للظباء: الخنس.
والجمس إن جعلته من نعت الزبد كان معناه الجامد.
يقال: جمس الماء والسمن: إذا جمد، وإن جعلته من نعت التمر كان معناه العلك الصلب، والجمس أيضا: من الرطب مالم يستحكم نضجه.
قال البسر إذا بدت فيها نقطة من الإرطاب قيل: قد وكت، وهي بسرة موكتة، فإذا دخلها كلها الإرطاب وهو صلبة لم تنهضم بعد، فهي جميسة، وجمعها جمس [ ص: 166 ] . الأصمعي:
والتعضوض: ضرب من التمر، قال الراجز يصف نخلا:
أسود كالليل تداجى أخضره مخالط تعضوضه وعمره