الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه قال: "أول دينكم [ ص: 249 ] نبوة ورحمة ثم خلافة ورحمة ثم ملك أعفر ثم ملك وجبروة يستحل فيها الفرج والحرير ".  

من حديث محمد بن يحيى الذهلي نا إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الأموي نا يحيى بن حمزة حدثني عبيد الله بن عبيد الكلاعي عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة بن الجراح.

قوله: ملك أعفر معناه الإرب والدهاء أخذ من العفارة وهي الشيطنة والدهاء يقال رجل عفر وعفر ومنه قيل للشيطان المتمرد عفريت ويوصف به الرجل الداهي الخبيث فيقال رجل عفريت نفريت وعفرية نفرية والمعنى أن الملك يفضي إلى قوم يسوسون الناس بالدهاء والنكر والجبروة مصدر يقال جبار بين الجبرية والجبرية والجبروت والجبروة وهو الجبروتا أيضا كقولهم رحموتا ورهبوتا والعرب تقول: "رهبوتا خير من رحموتا"، معناه لأن ترهب خير من أن ترحم.

ومن هذا حديثه الآخر حدثناه ابن الأعرابي نا زيد بن إسماعيل الصائغ نا زيد بن الحباب حدثني العلاء بن المنهال العبدي ثنا مهنى بن هشام القيسي حدثني قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب.

عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه: "أنتم اليوم في نبوة ورحمة ثم يكون خلافة رحمة ثم يكون كذا وكذا ثم يكون ملوكا عضوضا [ ص: 250 ] يشربون الخمر ويلبسون الحرير وفي ذلك ينصرون على من ناوأهم" .

العضوض جمع عض وهو الرجل الخبيث الشرس الخلق.

فأما حديثه الآخر الذي يرويه معاذ بن جبل في صفة الخلفاء والأمراء حدثنيه محمد بن علي بن إسماعيل نا ابن أبي داود نا محمد بن منصور الطوسي ثنا كثير بن حفص ثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل المعافري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أخبره قال بينا أنا وأبو عبيدة وسلمان جلوسا ننتظر رسول الله إذ خرج علينا في الهجير مرعوبا وذكر الحديث في صفة الخلفاء والأمراء بعده فقال: "أوه لفراخ محمد من خليفة يستخلف عتريف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف" . فإن العتريف الغاشم يقال رجل عتريف وعتريس أي غاشم ويقال إنه مقلوب من العفريت. ورواه بعضهم غتريف مترف بالغين المعجمة والغترفة والغطرفة واحدة ورجل متغترف أي متكبر وأنشد عن الأحمر:


فإنك إن عاديتني غضب الحصا عليك وذو الجبورة المتغترف

وقوله: يقتل خلفي وخلف الخلف فإنه يتأول على ما كان من يزيد في أمر الحسين بن علي وفيما جرى منه على أولاد المهاجرين والأنصار يوم الحرة وهم خلف الخلف رحمهم الله [ ص: 251 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية