الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قنت في صلاة [ ص: 304 ] الفجر، فقال: "اللهم قاتل كفرة أهل الكتاب، واجعل قلوبهم كقلوب نساء كوافر"   .

حدثنيه عبد العزيز بن محمد، نا ابن الجنيد، عن سويد، عن ابن المبارك، عن حنظلة، قال: سمعت أنس بن مالك يذكره.

قوله: كقلوب نساء كوافر معناه -والله أعلم- كقلوبهن في الاختلاف وقلة الائتلاف،  وأراه عنى الضرائر منهن؛ لأن ذلك أشد لاختلافهن ومنافسة بعضهن بعضا.

وأخبرني بعض أصحابنا، أخبرني ابن الأنباري، عن أبي العباس ثعلب قال: من دعاء الأعراب: اللهم حبب بين نسائنا، وبغض بين رعائنا، قال: وذلك أن الحب يدعوهن إلى التعاون في العمل، والاجتماع على السمر والغزل. والرعاء إذا تباغضت تفرقت في المراعي، فكان أسمن للغنم.

ومن دعائهم: اللهم أقلل صبياننا، وأكثر جرذاننا.

ومن دعائهم: اللهم ضبعا وذئبا؛ وذلك أنهما إذا اجتمعا في غنم منع كل واحد منهما صاحبه، ومنه قول الشاعر:


وكان لها جاران لا يخفرانها أبو جعدة العادي وعرفاء جيأل



أبو جعدة: الذئب وعرفاء: الضبع، وجيأل: اسم للضبع. قال الشاعر: [ ص: 305 ]


وجاءت جيأل وأبو بنيها     أجم الماقيين به خماع



وفي الكوافر قولان: أحدهما الكفر بالله، وذلك أشد لاختلافهن، قال الله تعالى: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة .

والقول الآخر: أن يكون من كفران النعم، وهن من أقل الناس شكرا للعوارف؛ ولذلك قال لهن: "إنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير" .

وفيه وجه آخر، وهو أن الكوافر يرعن أبدا بالصباح والبيات في عقر دارهن، فقلوبهن تجب أبدا.

التالي السابق


الخدمات العلمية