نا أحمد بن إبراهيم بن مالك، نا محمد بن أيوب بن ضريس، نا مسلم، نا عبد الله بن يزيد الخثعمي، نا سلم بن عبد الرحمن الجرمي، عن سوادة بن الربيع.
قوله: "شياه غنم" إنما عرفها بالغنم؛ لأن العرب تسمي البقرة الوحشية شاة. قال الشاعر:
وكان انطلاق الشاة من حيث خيما
وقوله: "أن يوجعوا" معناه لئلا يوجعوا، كقوله: يبين الله لكم أن تضلوا أي: لئلا تضلوا. وكقوله: وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم [ ص: 446 ] : ونظيره في الكلام أن يقال: لا تأت السلطان أن يصيبك مكروه، ولا تقرب الأسد أن يفترسك، وينصب على إضمار الحذر أو الخوف كأنه قال: لا تقربه مخافة أن يصيبك منه مكروه.
وفيه وجه آخر، وهو إضمار لا كأنه قال: مري بنيك أن لا يوجعوا ضروع الغنم، والعرب تضمر لا وتعملها كقول الشاعر:
أوصيك أن يحمدك الأقارب ويرجع المسكين وهو خائب
يريد: ولا يرجع المسكين خائبا.
وقوله: أو "يعبطوا ضروع الغنم" معناه أو يعقروها فيدموها. والعبيط: الدم الطري. ويقال: مات فلان عبطة، واعتبط إذا مات في شبابه وطراءة سنه. قال أمية:
من لم يمت عبطة يمت هرما للموت كأس فالمرء ذائقها
وقوله: "مري بنيك أن يحسنوا غذاء رباعهم" فإن الرباع جمع الربع، وهو ولد الناقة إذا نتجت في الربيع. قال الأصمعي: سمعت عيسى بن عمر يقول: سمعت العرب تنشد:
وعلبة نازعتها رباعي وعلبة عند مقيل الراعي
[ ص: 447 ] والمعنى: أنه كره استقصاء الحلب إبقاء على الرباع. يقول: إذا حلبت فابق في ضروعها ما يغذي رباعها.


