حدثنيه بعض أصحابنا، نا نا محمد بن إسحاق بن خزيمة، يوسف بن موسى، نا جرير، عن عن العلاء بن المسيب، عمرو بن مرة، عن عن أبي عبيدة بن عبد الله، أبي موسى.
قوله: يريد بالقسط -والله أعلم- الرزق الذي هو قسط كل أحد، وقسمه من قوته ومعاشه. فالخفض تقتيره وتضييقه. والرفع بسطه وتوسعته، يريد أنه مقدر الرزق وقاسمه على الحكمة فيه، والمصلحة في مقداره. يخفض القسط ويرفعه،
وفيه وجه آخر، وهو أن يكون أراد بالقسط الميزان، قال الله تعالى: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة الآية، وسمي الميزان قسطا ؛ لأن القسط العدل، وبالميزان يقع العدل في القسمة ؛ فلذلك سمي الميزان قسطا، وإنما هذا مثل فيما يدبره من أمر الخلق وينشئه من حكمه ويمضيه من [ ص: 685 ] مشيئته فيهم يرفع قوما ويضع آخرين، وهو الخافض الرافع، العدل الحكيم، تبارك الله رب العالمين، وسبحات وجهه جلاله ونوره، هكذا فسروه، والله أعلم بمعناه.
فأما اشتقاقه من اللغة فمن قولك سبحت الله، أي نزهته من كل عيب، وبرأته من كل آفة ونقص، ويقال: إن أصل التسبيح التبعيد من قولك سبحت في الأرض إذا تباعدت فيها، ومنه قوله تعالى: كل في فلك يسبحون قال الأعشى:
أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر
يقول: ما أبعد الفخر من علقمة.ومعنى الكلام أنه لم يطلع الخلق من جلال عظمته إلا على مقدار ما تطيقه قلوبهم، وتحتمله قواهم، ولو أطلعهم على كنه عظمته لانخلعت أفئدتهم، وزهقت أنفسهم، ولو سلط نوره على الأرض والجبال لاحترقت وذابت، كقوله تعالى في قصة موسى: فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا .
وقوله: يريد أنه لا يعاجله بالعقوبة، بل يمهله ليتوب ويرجع. يقال: وضع فلان يده عن فلان، أي كف عنه. واضع يده لمسيء النهار،