حدثناه أحمد بن إبراهيم بن مالك، نا محمد بن أيوب، ثنا مسدد، ثنا [ ص: 692 ] يحيى، عن أبي غفار، حدثني أبو تميمة الهجيمي، عن أبي دريد، أو أبي جري، وهو الصواب.
قوله: "عليك السلام تحية الميت" إنما هو إشارة إلى ما كان تجري عليه عادتهم في تحية الموتى، وإخبار عن مذهبهم في ذلك وليس على جهة الأمر به والتعليم فيه، ألا تراه يقول حين دخل المقبرة: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون".
أخبرناه ابن داسة، نا أبو داود، ثنا القعنبي، عن مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله قال ذلك، فجعل التسليم على الموتى كهو على الأحياء، وكانت العرب إذا أرادت تحية الميت قدمت اسمه على الدعاء والتسليم، وهو بين في الكلام والشعر، قال عبدة بن الطبيب:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته إن شاء أن يترحما
وقال الشماخ:عليك سلام من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
[ ص: 693 ]
سلام في الصحيفة من لقيط إلى من بالجزيرة من إياد
بأن الليث كسرى قد أتاكم فلا يحبسكم سوق النقاد
إذا جئت الأمير فقل سلام عليك ورحمة الله الرحيم
تحمل أهلها عنها فبادوا على آثار ما ذهب العفاء [ ص: 694 ]
ومثل هذا في الكلام كثير.
وفي التسليم لغتان. يقال سلام عليكم، والسلام عليكم. ووقوع الألف واللام فيه بمعنى التفخيم.
أخبرني الرهني، أخبرني ابن كيسان قال: دخول الألف واللام في الأسماء على ثلاثة معان للتعريف والتجنيس والتعظيم. فالتعريف كقولك: الرجل والمرأة. والتجنيس. كقولك: الشاء خير من الإبل، والذهب خير من الفضة. والتعظيم كقولك: حسن بن علي وعباس بن عبد المطلب. ثم تقول الحسن بن علي والعباس بن عبد المطلب.
فيه لغة ثالثة. قال الفراء تقول العرب: سلم. بمعنى سلام، كما قالوا: حل وحلال وحرم وحرام. قال: وأنشدني بعض العرب:
وقفنا فقلنا إيه سلما فسلمت كما انكل بالبرق الغمام اللوائح
أمنزلتي مي سلام عليكما هل الأزمن اللائي مضين رواجع
يا أخت ناجية السلام عليكم قبل الرحيل وقبل لوم العذل
ويشهد لذلك حديث أخبرناه محمد بن هاشم، نا الدبري، عن عبد الرزاق، نا بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه: "إن السلام اسم من أسماء الله عز وجل، فأفشوه بينكم".


