يرويه أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي أخبرنا إسماعيل بن أبي الحارث عن أبو النضر هاشم بن القاسم عن مبارك بن سعيد عبد الله بن يزيد عن من حدثه عن جرير بن عبد الله .
القائم الرائش هو المستقيم ذو الريش .
يقال : رشت السهم أريشه وسهم مريش وارتاش الرجل وتريش إذا حسنت حاله فصار كالسهم المريش والعصل من السهام المعوج . قال لبيد:
فرميت القوم رشقا صائبا ليس بالعصل ولا بالمفتعل
والعصل الالتواء . ومنه قيل للأمعاء الأعصال والطائش الزال عن [ ص: 87 ] الهدف والذاهب عنه . والمعنى أن الناس من بين مستقيم له ومعوج مستعص عليه وهو على ذلك يثقفهم ويقيم أودهم .وقد روينا عن غير هذا القول في قدمة قدمها على جرير بن عبد الله عمر .
.
أخبرني محمد بن علي أنبأنا ابن دريد أنبأنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال : قدم على جرير بن عبد الله فقال له : حين دخل عليه وسلم عمر بن الخطاب أجرير قال جرير قال : اجلس قال : فجلس فقال : كيف سعد قال صالح : إما ظالم وإما مظلوم فقال أخر هذا الكلام حتى أسألك عنه . عمر :
كيف الناس قال : كما يحب أمير المؤمنين كثر النسل واجتمع الشمل ودر العطاء وقل البلاء فلا تسأل عن صلاح فقال الحمد لله هلم كتاب صاحبك . فقال : ليس معي كتاب قال : فبغير إذنه خرجت فرفع عمر : الدرة فضربه بها وقال : ما حملك على ذلك يا عمر بن أميمة ؟ فقال جرير: ما أعلمك اسمها إلا كرم أو لؤم فقد رابني إذ نسبتني إليها حين غضبت قال : فارتاع وقال : ما أعلم إلا خيرا فلم خرجت ؟ قال : أساء صحبتي وأريد أن تصلحه أو تصلحني . قال : فهات عنه ولا تقل إلا حقا فقال : والله ما أدري ما أقول رأيت خيرا وظننت شرا فما يتركني ظني لعلمي ولا علمي لظني . فقال عمر أقصر عليك فلا أراك إلا قد صدقت وقصدت فمكث عمر : جرير يختلف إلى فبينا عمر لاه يكلم إنسانا [ ص: 88 ] إذ اندفع عمر جرير يمدح ويقول ما رأينا مثله أنه وإنه وجعل يطريه ويطنب فعرف عمر أنه يسمعه فأقبل عليه فقال : ما تقول يا عمر جرير فعرف جرير الغضب في وجهه . فقال : ذكرت أبا بكر وفضله فقال اقلب قلاب وسكت . عمر :
مثل يضرب للرجل تكون منه السقطة فيتداركها بأن يقلبها عن جهتها ويصرفها إلى غير معناها وأصل ذلك فيما يذكر عن قوله : اقلب . المفضل الضبي أن زهير بن جناب الكلبي وفد إلى بعض الملوك ومعه أخوه عدي بن جناب وكان عدي محمقا فلما دخل على الملك شكا الملك إلى زهير علة كانت بأمه شديدة وكان ملاطفا له فقال له : عدي أيها الملك اطلب لها كمرة حارة فغضب الملك وأمر به أن يقتل . فقال له زهير: أيها الملك إنما أراد عدي أن ينعت لها الكمأة فإنا نسخنها ونتداوى بها في بلادنا فأمر به فرد فقال له : زعم زهير أنك إنما أردت به كذا وكذا فنظر عدي إلى زهير فقال : اقلب قلاب فأرسلها مثلا .
وقال في حديث أبو سليمان أن عمر أبا سعيد مولى بني أسيد قال : التقطت ظبية فيها ألف ومائتا درهم وقلبان من ذهب فكاتبني مولاي على ألف درهم وأعطاني مائتي درهم فتزوجت بعد ذلك وأصبت ثم أتيت فأخبرته فقال : أما رقك في الدنيا فقد عتق وأنشدها في الموسم عاما فأنشدتها فلم أجد لها عارفا فأخذها عمر فألقاها في بيت المال [ ص: 89 ] حدثني به عمر أبو منصور الأزهري حدثني بهذا الحديث السعدي أخبرنا أخبرنا عبيد الله بن جرير حجاج أخبرنا حماد عن عن سعيد الجريري عن أبي نضرة أبي سعيد مولى بني أسيد قال : التقطت ظبية فيها ألف ومائتا درهم وقلبان من ذهب وذكر القصة بطولها .
الظبية شبه الجراب الصغير . ويقال : بل هي كالإداوة تخرز من الأدم والقلب الخلخال ويقال السوار ومعنى أنشدها عرفها . يقال : أنشدت بالألف إذا عرفت ونشدت إذا طلبت . ومنه الحديث أيها الناشد غيرك الواجد .
وقوله : أعطاني مولاي مائتي درهم يريد أنه سوغ له من مال الكتابة مائتي درهم وذلك من المعروف الذي أمر الله به فقال : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم .
وفيه من الفقه أنه رأى العتق واقعا وإن كان الأداء من مال لم يستقر له ملكه وفيه أنه لم يجعل اللقطة ملكا له بعد تعريفها سنة .